سليمان منصور ما ترويه تشققات الطين عن تاريخ الأرض
يواصل المتحف الفلسطيني في بيرزيت مشروعه الفني لاستلهام تقنيات الفنان سليمان منصور (1947) وتعليمها، عبر تنظيم ورشات فنية تستهدف الفنانين الشباب في عدد من المدن الفلسطينية، مستخدمين تقنية الطين المستوحاة من أعماله، لتُجمع مشاركاتهم في معرض ينظّمه المتحف قريباً. انتشرت أعمال منصور بشكل لافت في المجتمع الفلسطيني، خاصة لوحته جمل المحامل (1973) بوصفها أيقونة تعبّر عن التهجير والاقتلاع في عامي 1948 و1967، وغيرها من الأعمال التي تناولت مواضيع المكان والأرض والهوية، عبر مجموعة رموز ارتبطت بمشواره الفني، ومن بينها المرأة إلى جانب الرجل وشجرة الزّيتون؛ مُفردات تحيل إلى البقاء والصّمود. الفنان الذي بدأ مسيرته الفنية منذ أواخر السّتينيات من القرن الماضي، تبلورت تجربته حينما بدأ مشروعه بالطين في أواخر الثمانينيات، حيث كانت الانتفاضة الفلسطينية في أعلى مستوياتها الشّعبية 1987-1991، والتي واجهها الاحتلال الإسرائيلي بحملات اعتقال واسعة طاولت العديد من المثقفين، ومنعٍ للمعارض الفنية وتحديد الألوان التي يستخدمها الفنانون آنذاك، لمنع استعمال ألوان العلم الفلسطيني. في تلك الفترة، انخرط منصور في مبادرات عدة مثل مجموعة التجريب والإبداع مع الفنانين نبيل عناني وتيسير بركات وفيرا تماري، إلى جانب رئاسته لرابطة الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بين عامي 1986 و1999.
الطين والمعنى
انطلقت تجربة الطين لدى الفنان الحائز على جائزة النّيل للمبدعين العرب لعام 2025، باعتبارها مادة مرنة وليّنة تخضع للتشكيل والبناء المتعدد، وغالباً ما تحمل مضامين مهمة تتعلّق بالأرض والوطن والجذور، باعتبار تشكّل الإنسان من الطين مروراً بعلاقته مع البيت الذي بدأ بالطين والماء، في حين أن استخدامها في الفن لن يكون بهذه المباشرة، بل يحتاج لمزج بين الذاكرة والحاضر في الموضوعات، وبين الأصالة والمعاصرة في التقنيات.
بدأت علاقة سليمان منصور بالطين منذ الطفولة مع جدّته التي كانت تصنع الأواني وبيوت النحل؛ حرفة يدوية تحمل العديد من الدلالات والرمزية، وهو ما دفعه لاحقاً لاستخدام مادة الطين مستقلاً عن استخدام المواد المصنّعة والمستوردة عبر الاحتلال، كما فعلت حركة آرتي بوفيرا (الفن الفقير) في ستينيات القرن الماضي في إيطاليا، حينما وقف أعضاؤها ضد الرأسمالية وثقافة التصنيع
ارسال الخبر الى: