سلمية النموذج الثقافة أداة السلم الأهلي
عندما دخلت قوات الثورة دمشق وأطاحت نظام الحكم الديكتاتوري الاستبدادي والطغياني السفاح لآل الأسد. كانت سلمية، المدينة السورية المعروفة بأنها مدينة المحبة والسلام والعلم والثقافة والشعر والتحرّر، تستقبل المهجّرين من مختلف المناطق السورية، ومن جميع الأطياف والديانات والطوائف والقوميات والإثنيات التي يتشكّل منها المجتمع السوري، فاتحة ذراعيها وصدرها للترحيب بهم واستقبالهم من دون أن تسألهم عمّا قد يُحرجهم أو يزعجهم، وما زال فيها شركس وأرمن وغيرهم من أبناء وأحفاد من لجأوا إليها في النصف الأول من القرن الماضي، هرباً من الإبادة العثمانية التي ذهب ضحيتها ملايين من الأبرياء، كما استقبلت طلائع قوات ردع العدوان للثورة التي حرّرت مقام زين العابدين والجبل الذي يقع أعلاه استقبال الأبطال بالورود والأهازيج الشعبية والوطنية.
السلم الأهلي الذي لم يكن بالنسبة لأبناء سلمية قراراَ حكومياً ينفذه الشعب، بل ممارسة وطنية طوعية تنبع من ذات المواطن
كانت سلمية الوادعة النقية تحلم بمثل هذا اللقاء الحميم، وهي التي عانت في العهد البائد للابن والأب من كل أشكال الإهمال والعقوبات والضغوط على مختلف المستويات، لأنها رفضت أن تكون المدينة التي تطبّل وتزمر وتهلل للقائد كل الوقت، وهي المدينة السورية الوحيدة التي رفضت أن تضع تمثالاً لحافظ الأسد في مدخلها أو ساحتها العامة، ما سبّب غضبه الشديد عليها، وإيقاف كل المشاريع الحيوية المقرّرة، وأهمها مشروع إيصال مياه نهر الفرات إليها الذي كان سيحلّ معاناة سكّانها الطويلة والعميقة من عدم توفر مياه الشرب النقية، وهي المدينة المعروفة منذ القديم بكثرة القنوات والينابيع، ومنها قنوات تعبر شوارعها وأزقتها بمائها البارد الصافي الرقراق، وتذكر المصادر أن عدد قنواتها بلغ 360 قناة مختلفة الغزارة والطول، لكن سنوات جفاف قاسية، وحفْر سكّانها آباراً كثيرة لسقاية مزارعهم وحقولهم بأسلوب عشوائي وغير منظّم؛ استنزف خزّان المياه الجوفية في أرضها، والوصول إلى حالة المعاناة المستمرّة.
حين استقبلت سلمية المهجرين وقوات ردع العدوان بحفاوة ومودة صادقة بكل أطياف أبنائها وسكانها بمستوياتهم الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية، وبمشاركة فاعلة من الجمعيات الناشطة في المجالات الإنسانية والخيرية والثقافية، والهيئات التعاونية والمؤسّسات
ارسال الخبر الى: