سلطة التلفط لمحمد الداهي الرواية أداة لفهم الواقع
عبر دراسة التطويع اللفظي، يوضّح أستاذ السرد الحديث والباحث المغربي محمد الداهي كيف يمكن للغة أن تتحول إلى أداة للسيطرة أو التضليل، كما يحدث أحياناً في الإعلام المعاصر عبر ما يسمى الكذبة النبيلة، في حين تتحول الرواية إلى فضاء للكشف عن هذه الممارسات، واستعادة قدرة القارئ على الفهم الحر، وتحويل التلفّظ إلى ممارسة نقدية وجمالية تعيد رسم العلاقات بين الفرد والمجتمع.
ويسعى محمد الداهي ضمن مشروعه النقدي على امتداد أكثر من عقدين، إلى استكشاف آليات القول في السرد العربي، وتحليل انعكاسات الذات في اللغة، فمن سيميائية الكلام الروائي إلى الذات في الرواية وتمثلات السرد، ظلّ اهتمامه منصباً على كشف ما تخفيه اللغة من تمثيلات رمزية وأبعاد فلسفية، وعلى اختبار الحدود بين ما هو واقعي وما هو متخيّل، بين الملفوظ ومقاصده.
في كتابه سلطة التلفّظ في الخطاب الروائي العربي (المركز الثقافي للكتاب/ طبعة ثانية، 2025)، يقرأ الداهي الخطاب الروائي من زاوية اللغة والسلطة والفن، حيث يتجاوز التلفّظ من كونه مجرد أداة للتعبير، إلى اعتباره محوراً لفهم الإنسان ومحيطه الثقافي والاجتماعي، ووسيلة لاستكشاف العلاقات المعقدة بين النص والقارئ والكاتب.
الرواية فضاء للحوار بين القارئ والكاتب وبين اللغة والوجود
يبدأ الداهي بتحديد ثلاث طرائق لمقاربة النص: الأولى صارمة أكاديمياً تعتمد على منهجية واضحة ومرجعيات نقدية محددة، توازن بين المحلي والكوني، وتعيد الاعتبار للجدّة والاختلاف في النص، بينما تمزج الثانية بين الدقة الأكاديمية والمرونة التواصلية مع جمهور أوسع، مستفيدة من السيميائيات الذاتية لاستكشاف البنية التلفظية والقضايا المثارة.
أما الثالثة فتتحرر من المرجعيات التقليدية لتصبح ممارسة النقد أشبه بصناعة إبداعية متفردة، على نحو يشبه عمل عبد الفتاح كيليطو، الذي يختار مرجعيات متعددة ثم يتخلى عنها تدريجياً ليصوغ لغته النقدية الخاصة، محولاً النقد إلى إنتاج إبداعي متماهٍ مع النص.
يستعرض فصل الإبدال التلفظي في الكتاب، أهم النظريات اللغوية التي مهّدت للمنظور التلفّظي الحديث، ليركز على اللغة باعتبارها فضاء للسلطة وقدرة الإنسان على الكلام والتأثير، فتصبح الرواية وسيلة لفهم الواقع واستيعاب التناقضات والصراعات الداخلية، فضلاً
ارسال الخبر الى: