سجون تونس محتجزون يختصرون المسافة مع الحرية عبر الدراسة
٧٠ مشاهدة
يحرص عدد كبير من الأشخاص المحتجزين في سجون تونس الذين ينفذون عقوباتهم على الالتحاق بالتعليم المدرسي كما الجامعي ويعد هذا الحرص دليلا على رغبة السجناء في الانعتاق والمضي قدما نحو مستقبل أفضل ولا تمنع العقوبات السالبة للحرية سجناء تونسيين من التفوق الدراسي وكسب رهان النجاح في الامتحانات الوطنية وصولا إلى شهادة الدكتوراه فالهيئة العامة للسجون تسجل زيادة سنوية في عدد المقبلين على الانخراط في المسارين الدراسيين الثانوي والجامعي وخلال الدورة الأولى من امتحانات البكالوريا الثانوية العامة التي أعلن عن نتائجها في 23 يونيو حزيران الجاري تمكن سجينان من اجتيازها بنجاح في حين يستعد آخران لاجتياز دورة التدارك من مجموع 16 سجينا ترشحوا لخوض الامتحان الوطني الذي يختتم المرحلة الثانوية ويمثل التحصيل العلمي في خلال مدة التوقيف أو تنفيذ العقوبة السالبة للحرية تحديا لسجناء يصرون على تحقيق نجاحات في داخل أسوار مراكز احتجازهم مستفيدين من القوانين التونسية التي تمنحهم الحق في التعلم أو الحصول على تدريب مهني في خلال تنفيذهم عقوباتهم ويتيح القانون الخاص بنظام سجون تونس الصادر في عام 2001 للسجناء فرصة مواصلة التعليم الثانوي وذلك العالي بالتعاون مع الجهات الوطنية المعنية بالتعليم والتربية يقول المتحدث باسم الهيئة العامة للسجون التونسية رمزي الكوكي لـالعربي الجديد إن إدارات سجون تونس تسجل سنويا زيادة في طلبات التعلم التي يقدمها سجناء في مختلف المستويات شارحا أن 16 سجينا خضعوا لامتحان البكالوريا هذا العام في حين يتابع 40 آخرون دراستهم الجامعية لنيل شهادات من مستويات مختلفة بما في ذلك شهادة الدكتوراه ويؤكد الكوكي حرص إدارات سجون تونس في تونس على الاستجابة لكامل طلبات التعلم للمساجين الذين يتقدمون بطلبات من أجل الخضوع للامتحانات الوطنية أو للانتساب إلى إحدى الجامعات يضيف أن الناجحين في دورات بكالوريا في السنوات الماضية يواصلون تعليمهم العالي من داخل سجونهم في انتظار انقضاء مدة عقوباتهم ويرى الكوكي أن الإصرار على التعلم في خلال مدة العقوبة السالبة للحرية جزء مهم من المسار الإصلاحي والتأهيل للاندماج المجتمعي في مرحلة ما بعد السجن ويشير إلى زيادة في حرص المساجين ولا سيما صغار السن من بينهم على مواصلة مسارهم الدراسي أو على الالتحاق بدورات تدريب مهني موضحا أن الأسر تلعب دورا مهما في توفير المراجع والدروس اللازمة لأبنائها إلى جانب ما توفره مكتبات إدارات سجون تونس في سياق متصل يبين المتحدث باسم الهيئة العامة للسجون التونسية أن السجناء التلاميذ والطلاب يحصلون على المساعدة حتى من قبل سجناء آخرين قادرين على ذلك خصوصا في التخصصات التي يدرسونها ويسمح لهؤلاء بقضاء وقت كامل في مكتبات السجون في خلال المراجعة ويلفت الكوكي إلى أن السجناء يحتفلون بنجاح زملائهم في العنابر كذلك قد تحتفل إدارة السجن بنجاح هؤلاء إذ تسجلهم من بين المتفوقين وتخصهم بالتكريم في يوم العلم الوطني الذي يحتفل به في المؤسسات السجنية بالإضافة إلى السماح لهم بمقابلات مباشرة مع عائلاتهم ويصف الكوكي الشهادة العلمية بأنها سلاح مهم للعودة السريعة والناجحة إلى المجتمع بعد انقضاء العقوبة ويتابع أن تمسك السجناء بالدراسة يسمح لهم بالحصول على دعم لملفاتهم التي تقدم إما لتخفيض مدة العقوبة وإما للحصول على إطلاق سراح مشروط 6 آلاف في سجون تونس يتابعون تعليمهم وتفيد بيانات الهيئة العامة للسجون التونسية بأن عدد السجناء الذين يتلقون تعليمهم أو تدريبا مهنيا في اختصاصات مختلفة يقدر بنحو ستة آلاف سجين من مجموع 11 ألفا سجين يقضون عقوبات بعد صدور أحكام باتة في شأنهم لكن جمعيات مدنية تونسية تطالب السلطات باتخاذ إجراءات للحد من العقوبات السجنية في إطار سياسات تحد من العودة إلى الجريمة وتوجيه كلفة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية نحو الاستثمار الدراسي وتدريب المنقطعين عن التعليم في هذا الإطار يقول رئيس جمعية معاك مصطفى بن زين لـالعربي الجديد إن استكمال المسار الدراسي والحصول على شهادة أمران مهمان جدا لتأهيل السجناء لمرحلة ما بعد العقوبة مشيرا إلى أن ذلك يحد من نسب العودة إلى الجريمة ويثبت انطلاق السجين في مسار إصلاحي ذاتي يضيف بن زين صحيح أن استكمال المسار الدراسي في داخل السجن لا يمنع الوصم الاجتماعي للمساجين غير أنه يحد من تأثيره ويرى بن زينة أن من الضروري اليوم تقليص العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بأخرى بديلة أو بغرامات مالية أو بالعمل للمصلحة العامة مع توجيه الجهد العام نحو تسهيل إعادة دمج الأشخاص الذين أطلق سراحهم وكبح أسباب الجريمة من أبرزها البطالة والتسرب المدرسي والتفكك الأسري وعدم الشعور بالأمان إلى جانب الوصم الاجتماعي الذي يطاول المحررين من السجون يذكر أن دراسة أعدتها جمعية معاك أوضحت استنادا إلى بيانات رسمية أفصحت عنها وزارة العدل في تونس أن كلفة السجين الواحد سنويا تصل إلى 15 ألف دينار تونسي وهو ما يعادل خمسة آلاف دولار أميركي أضافت الجمعية التي تنشط في مجال قضايا دمج السجناء السابقين في المجتمع أن المبلغ المذكور يضاهي كلفة تعليم عشرة تلاميذ بحسب تقديرات لكلفة التمدرس عمل عليها منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس ولفتت الدراسة نفسها إلى أن السجون التونسية تستقبل نحو 23 ألف سجين 40 منهم مهددون بالعودة إلى الجريمة وقضاء عقوبات جديدة نتيجة صعوبات تحول دون اندماجهم مجددا في المجتمع