سجناء أبو غريب بعد 20 عاما ندوب غائرة ولا مساءلة للقوات الأميركية
29 مشاهدة
تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـالعربي الجديد مع ما حمله تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش نشر اليوم الاثنين بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيء الصيت قبل نحو 20 عاما على أيدي القوات الأميركية المنخرطة أنذاك فيما كانت تسميه الحرب العالمية على الإرهاب وأكد المجلي لـالعربي الجديد وهيومن رايتس ووتش أنه كان واحدا من المعتقلين الذين ظهروا في صورة من أبو غريب انتشرت على نطاق واسع تظهر مجموعة من السجناء عراة وفوق رؤوسهم أكياس وهم مكدسون فوق بعضهم البعض في هرم بشري بينما يبتسم جنديان أميركيان خلفهما وما زال هذا المعتقل العراقي السابق يحمل ندوبا في مناطق متفرقة من جسده تكشف التعذيب الذي تعرض له في سجن أبو غريب على يد المحققين الأميركيين بينما لا تفارقه ذكريات من زنزانة السجن يصفها بالمؤلمة رغم مرور قرابة العشرين عاما عليها وكشف تقرير هيومن رايتس ووتش الذي يحمل عنوان العراق ضحايا التعذيب ينتظرون من الولايات المتحدة الإنصاف والمساءلة أن الحكومة الأميركية تقاعست على ما يبدو عن تقديم تعويضات أو سبل إنصاف أخرى للعراقيين الذين عانوا من التعذيب وغيره من الانتهاكات رغم مرور عقدين على ظهور أدلة على إساءة القوات الأميركية معاملة المعتقلين في سجن أبو غريب وغيره من السجون التي أدارتها الولايات المتحدة في العراق وأوضحت المنظمة أنه بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003 احتجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها نحو 100 ألف عراقي بين 2003 و2009 مشيرة إلى أنها وثقت ومنظمات أخرى التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة على يد القوات الأميركية في العراق وأضافت أن ضحايا الانتهاكات قدموا لسنوات شهاداتهم حول المعاملة التي تعرضوا لها لكنهم لم يتلقوا سوى اعترافا ضئيلا من الحكومة الأميركية ولم يحصلوا على أي تعويض معتبرة أن الحظر المفروض على التعذيب بموجب القانون المحلي الأميركي واتفاقيات جنيف 1949 واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والقانون الدولي العرفي هو حظر مطلق الآثار الطويلة الأمد للتعذيب ما تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم وتعليقا على ذلك قالت مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن سارة ياغر بعد مرور 20 عاما لا يزال العراقيون الذين تعرضوا للتعذيب على يد عناصر حكوميين أميركيين بدون سبيل واضح لرفع دعوى أو الحصول على أي نوع من الإنصاف أو الاعتراف من الحكومة الأميركية أشار المسؤولون الأميركيون إلى أنهم يفضلون وضع التعذيب خلفهم لكن الآثار الطويلة الأمد للتعذيب ما تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم السجين رقم 152516 المجلي الذي يسكن اليوم ضواحي بغداد استقبل فريق العربي الجديد بمنزله في حي الدورة وأكد أنه يحمل أيضا وثائق وأدلة تؤكد فظاعة ما تعرض له مع باقي المعتقلين العراقيين داخل السجن الأميركي سيء الصيت والذي قررت بغداد أخيرا تحويله إلى سجن خاص لمن حوكموا بالاتجار في المخدرات والمواد الممنوعة وترويجها يروي المجلي كيفية اعتقاله من قبل الجيش الأميركي في مدينة الرمادي العاصمة المحلية لمحافظة الأنبار غربي العراق حيث ذهب يوم 31 أكتوبر تشرين الأول 2003 إلى بيت عمه قادما من بغداد طلبا لمساعدته في إقناع زوجته التي كان على خلاف معها وغادرت إلى بيت أهلها بالعودة معه يقول المجلي إن القوات الأميركية طوقت المنطقة في تلك الليلة وبدأت بعمليات الاعتقال العشوائية في المنطقة وتم اعتقاله رغم محاولته إبلاغهم أنه ضيف قادم من بغداد وهذا بيت عمه وتم بعدها اقتياده إلى معسكر أميركي بعد وضع كيس في رأسه وأبقوه 5 أيام في هذا المعسكر بعد نقله إلى مكان آخر ثم نقلوه إلى أبو غريب في سجن أبو غريب أخضع المجلي للتحقيق على يد محققين أميركيين قبل أن يتم نقله إلى القسم B6 الذي شهد أفظع أنواع التعذيب ومنه خرجت صور فضيحة أبو غريب التعذيب بالصوت العالي والكلاب البوليسية والضرب والإيهام بالإغراق بالماء ليست أسوأ ما واجهه طالب المجلي في السجن حيث كان أحد أولئك الذين تم تعريتهم ووضعهم على شكل هرمي داخل السجن ثم العبث بأعضائهم التناسلية بالعصي الخشبية وتكيسهم عرايا بأوضاع جنسية بطريقة معاكسة بين معتقل وآخر يعتبر المجلي أن ما تعرض له هو وباقي العراقيين من تعذيب داخل السجن لا يمكن نسيانه ولا تجاوزه معتبرا أن تعويضه عما فعل به داخل السجن من قبل القوات الأميركية هو أقل شيء يتحدث المجلي عن نزيل آخر معه قتل خلال وجوده بالسجن بينما قتل آخرون على يد الأميركيين بإطلاق النار خلال محاولتهم الفرار من السجن الذي فقدوا فيه القدرة على التحمل جراء التعذيب والإهانة التي تلقوها على يد الجنود الأميركيين كان يحمل المجلي الرقم 152516 خلال وجوده في سجن أبو غريب الذي استمر عاما وأربعة أشهر قبل نقله إلى سجن آخر في بغداد ومن ثم إطلاق سراحه التعويض أقل شيء ولم تنل فترة الاعتقال من جسد المجلي وصحته العقلية فقط بل يؤكد أنه خرج من السجن ووجد زوجته التي كان أساسا قد ذهب من أجل إقناعها بالعودة ليلة اعتقاله قد تطلقت منه ويعاني أولاده من مشاكل منذ صغرهم بسبب تعرضهم للتنمر من قبل الأطفال الآخرين حينما يعرفون أن والدهم هو نفسه طالب المجلي الذي تم تعريته في السجن يعتبر المجلي أن ما تعرض له هو وباقي العراقيين من تعذيب داخل السجن لا يمكن نسيانه ولا تجاوزه معتبرا أن تعويضه عما فعل به داخل السجن من قبل القوات الأميركية هو أقل شيء يجب أن تفعله واشنطن له ولباقي معتقلي أبو غريب بدورها قالت هيومن رايتس ووتش إنها قابلت طالب المجلي بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص على علم باحتجازه وقضيته بعد إطلاق سراحه ورغبوا في عدم الكشف عن هويتهم بين إبريل نيسان ويوليو تموز 2023 وجاء في تقرير هيومن رايتس ووتش أنه أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق من 2003 إلى 2011 احتجزت السلطات آلاف الرجال والنساء والأطفال في سجن أبو غريب مضيفا أنه ورد في تقرير أصدرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فبراير شباط 2004 موجه إلى التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة أن عناصر من المخابرات العسكرية أخبروا اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن نحو 70 إلى 90 من المحتجزين لدى قوات التحالف في العراق في العام 2003 اعتقلوا عن طريق الخطأ كدمات ناتئة أرجوانية وقال المجلي إنه بعد 16 شهرا في أبو غريب أطلق سراحه دون تهمة رغم نيل حريته قال إنه وجد نفسه مريضا جسديا ومفلسا ومصدوما قال إنه أثناء احتجازه بدأ يعض يديه ومعصميه للتغلب على الصدمة التي كان يعاني منها والتي استمرت منذئذ كانت الكدمات الناتئة الأرجوانية على يديه ومعصميه مرئية بوضوح وأضاف المجلي لـهيومن رايتس ووتش أصبحت حالة نفسية فعلت ذلك في السجن وبعد أن غادرت السجن وما زلت أفعل ذلك اليوم أحاول أن أنسى الأمر ولكن لا أستطيع حتى اليوم لا يمكنني ارتداء قميص بأكمام قصيرة عندما يراها الناس أقول لهم إنها حروق أتجنب الأسئلة بالإضافة إلى الآلام التي تعرض لها يتألم المجلي من التأثير السلبي الذي خلفه ذلك على أطفاله غيرت هذه السنة والأربعة أشهر كياني كاملا إلى الأسوأ دمرتني ودمرت عائلتي سببت مشاكل صحية لابني وأدت إلى ترك بناتي الدراسة سرقوا منا مستقبلنا على مدى عقدين يوضح التقرير سعى المجلي إلى الحصول على الإنصاف بما فيه التعويض والاعتذار عن الانتهاكات التي تعرض لها بسبب عدم قدرته على تحمل تكاليف محام أو الوصول إلى السفارة الأميركية في بغداد سعى المجلي إلى الحصول على المساعدة من نقابة المحامين العراقيين التي رفضت قائلة إنها لا تتعامل مع مثل قضيته ثم ذهب المجلي إلى المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان لكن كل ما استطاعت فعله هو إصدار رسالة تؤكد وجوده في سجلاتها كمعتقل سابق في أبو غريب قال إنه لا يعرف كيفية الاتصال بالجيش الأميركي وتقديم المطالبة وقالت هيومن رايتس ووتش إنها كتبت إلى وزارة الدفاع الأميركية في 6 يونيو حزيران 2023 توضح فيها قضية المجلي وتقدم نتائج البحث وتطلب معلومات عن تعويض ضحايا التعذيب في العراق مؤكدة أنه رغم طلبات المتابعة المتكررة لم تتلق أي رد قال المجلي لم أكن أعرف ماذا يمكنني أن أفعل أو إلى أين أذهب وحول ذلك قالت ياغر على وزير الدفاع والنائب العام الأميركيين التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من أشكال الانتهاكات بحق الأشخاص الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في الخارج أثناء عمليات مكافحة التمرد المرتبطة بـ الحرب العالمية على الإرهاب التي تشنها على السلطات الأميركية بدء الملاحقات القضائية المناسبة ضد أي شخص متورط مهما كانت رتبته أو منصبه على الولايات المتحدة تقديم التعويضات والاعتراف والاعتذارات الرسمية إلى الناجين من الانتهاكات وعائلاتهم وضع أميركي خاص داخل الجنائية الدولية وبخصوص إمكانية فتح تحقيقات دولية بشأن الانتهاكات الأميركية في سجن أبو غريب قالت الباحثة في المعهد البريطاني للقانون الدولي والمقارن سارة رضائي في تصريح لـالعربي الجديد إن القانون الدولي يلعب دورا مهما في تحقيق العدالة للضحايا لقد تحقق ذلك من خلال آليات ومؤسسات عدة وإحداها من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي هي محكمة دولية تختص بالقضايا الجنائية المرفوعة ضد الأفراد بمن فيهم المسؤولين الحكوميين والمنتمين للجيش المتورطين في جرائم دولية بما فيها جرائم حرب كالتعذيب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية وأوضحت أن نطاق تدخل المحكمة الجنائية الدولية وعملها يستند على عدة عوامل مشيرة إلى أنه بإمكان المحكمة إعمال نفوذها بخصوص الجرائم المرتكبة داخل حدود الدول الموقعة على معاهدة روما الاتفاقية التي أنشأت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية وأضافت لسوء الحظ العراق ليس من البلدان الأعضاء فيها ففي العام 2005 سحبت الحكومة العراقية الانتقالية طلب انضمامها إلى معاهدة روما ما يحد من صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية في هذا البلد من جهة أخرى أشارت إلى أنه رغم أنه في إمكان الولايات المتحدة الأميركية إحالة قضايا على المحكمة بحكم مقعدها داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فهي ليست بلد عضو داخل المحكمة الجنائية الدولية ولم تبدي رغبتها في أن تصبح كذلك في المستقبل القريب وأردفت رضائي على مستويات عدة ظلت الولايات المتحدة على اختلاف مع المحكمة الجنائية الدولية لا سيما ما يخص الشؤون التي تصنفها في خانة المصالح القومية على سبيل المثال فرضت الولايات المتحدة الأميركية في العام 2020 عقوبات ضد أعضاء بارزين في المحكمة بسبب تحقيقات تتعلق بأنشطة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في أفغانستان وفلسطين رغم أنه جرى التراجع في وقت لاحق عن تلك العقوبات من قبل إدارة بايدن وبخصوص إمكانية مساءلة الولايات المتحدة الأميركية عن جرائم دولية مثل تلك التي جرت في أبو غريب أوضحت الباحثة أن ذلك مازال مصدر خلاف ولم يتم التوصل لحل له وأوضحت أنه رغم الإقرار بالمشاركة في الاعتقال السري من قبل الرئيس السابق جورج بوش ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد لم تجري محاسبة أي مسؤول أميركي بارز على ما قامت به بلادهم في العراق كان يتعين أن يتم فتح تحقيقات دولية في تلك الأفعال بموجب القانون الدولي على النقيض من ذلك وبشكل مؤسف أدى غياب أي رغبة سياسية واضحة في إنجاز تحقيقيات شاملة وذات مصداقية إلى ترك هذه المسألة دون حل