ستارلينك القناع الإنساني وحقيقة الاستعمار الرقمي
تحت غطاء الثورة الرقمية التي وعدت بربط العالم، انطلقت أجهزة “ستارلينك” من مختبرات “سبيس إكس” الأمريكية كـ حَلٍّ سحري لأزمة الإنترنت في المناطق النائية، لكن خلف هذه الواجهة الإنسانية تكشف الوقائع عن وجه آخر أكثر قتامة: تحول هذه التكنولوجيا إلى ذراع استخباراتي متطور في يد القوى الكبرى، ومنها الولايات المتحدة و(إسرائيل)، اللتين تستغلانها لاختراق سيادة الدول ومراقبة تحَرّكاتها الحساسة تحت غطاء الشرعية التجارية.
إن جوهر الخطر يكمن في الطبيعة المزدوجة لشبكة “ستارلينك”، فهي ليست مُجَـرّد وسيلة اتصال، بل نظامٌ متكاملٌ يجمع بين البنية التحتية الفضائية والأرضية، مصمَّمٌ ليكونَ عينًا لا تنام تراقبُ كُـلَّ نبضة على سطح الأرض.
الأقمار الصناعية التي تحلق على ارتفاع 550 كيلومترًا أقرب بكثير من الأقمار التقليدية لا تنقل البيانات فحسب، بل تولد خرائط حية لتحَرّكات الأفراد والإشارات اللاسلكية وحتى الحرارة المنبعثة من المنشآت، وهو ما تحول في أوكرانيا إلى سلاح حرب حقيقي حين مولت الشبكة من البنتاغون واستخدمت لتوجيه الصواريخ.
وهذه السابقة العسكرية كشفت النقاب عن التعاقد السري بين “سبيس إكس” ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بقيمة 1.8 مليار دولار لبناء أقمار تجسس تحت غطاء مدني؛ مِمَّـا يجعل كُـلّ جهاز “ستارلينك” على الأرض بوابة خلفية للمخابرات الأمريكية.
الخطر التقني يتجسّد في ثلاث ثغرات قاتلة:
أولًا. ضعف التشفير الذي يسمح باعتراض البيانات بسهولة، خَاصَّةً في المناطق النائية، حَيثُ تستخدم هذه الأجهزة غالبًا لأغراضٍ عسكرية أَو استخباراتية.
ثانيًا. قدرة الشبكة على تحديد مواقع المستخدمين بدقة تصل إلى متر واحد عبر إشارات التثليث الفضائي؛ مِمَّـا يتيح رصد تحَرّكات القوات أَو تخزين الأسلحة.
ثالثًا. تمرير جميع البيانات عبر خوادم في الولايات المتحدة، حَيثُ تخزن وتحلل من قبل أجهزة الاستخبارات دون رقابة دولية.
وهنا تتدخل (إسرائيل) كشريك استراتيجي في هذه اللعبة، فالتعاون الأمني بين تل أبيب وواشنطن في المجال الفضائي ليس سِرًّا، وقد تجسد مؤخّرًا في إطلاق القمر الصناعي “أفق 13” والذي يعمل بتقنية الرادار النافذ للتربة والأبنية، ويرصد تحَرّكات الصواريخ في الأنفاق تحت الأرض كُـلّ 90 دقيقة فوق إيران واليمن
ارسال الخبر الى: