سام برس من يوميات الشتاء 1

54 مشاهدة

بقلم/ محمد الدلواني
عندما كانت تهب رائحة الخبزِ من تنور والدتي كان يستيقظ داخلي شعور مختلف كنت أظنه لن يعود منذ سنين.
توقد النار ويتحرك الجمر في مخيلتي قبل الموقد ، وتعود أصوات وروائح أشياء قديمة .
وبجوار الموقد المستمد جمره من التنور كنا نحتمي من برد الشتاء وكان أصدقَ من أي دفء آخر .
وفي التنور كان الخبز البلدي المحمر ينضج من على جداره مثل شمس صغيرة تمسك بالقلوب قبل الأيدي ، وبجواره كنا نسمع ضحكاتِ عماتي … وأقدام أخوتي الكبار والصغار فوق التراب … وأرى أكواب القهوة تمتلئ بإحترام كأنها تهدى لمن يتذوقها.
وهناك ، بين دفء النار وروائح الطحين والعجين ، كان أخي الصغير بمشاغبته ومشاكساته يوازن ضجة المكان كأنه مجموعة من الأشياء المتحركة ، وإلى جانبه أخي الأكبر يحمل قسوة الشتاء التي لا تذيب شدة البرد فيه ويحول البرد إلى دفء بوجود أمي.
وأنا اليوم أجد بأن عصف الذاكرة ليس وجعا ، بل محاولة لإنقاذ ما تبقى منا ، والعودة إلى تلك الزاويا الطينية له نكهة خاصة.
خبأت كلّ أسباب السكينة :
قطعة طحين… قدر عجين يمتلئ… ويد حانية كيد أمي كانت تعرف كيف تطعمنا الى جانب كل وافد وتربت على القلوب في اللحظة نفسها.
وهناك ، عند باب التنور ، تركت جزءا من طفولتي ، وما زلت أستدعيه حتى الآن وأجده يناديني كلما اشتد البرد.

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع سام برس لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح