سام برس اليمن بين السيادة المفقودة والوصاية المقنعة

بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
تبدو السيادة في اليمن اليوم كظلّ لدولة كانت ذات يوم قادرة على إدارة شؤونها بنفسها لكنها باتت محاصرة بين نفوذ الخارج وصراع الداخل وبين حسابات القوى الكبرى ومصالح القوي المتصارعة صار القرار اليمني يمر عبر محطات لا علاقة لها بالإرادة الوطنية ولا بمفهوم الاستقلال الذي يدافع عنه الخطاب الرسمي في البيانات لا في الواقع
ليست القضية جدلًا حول الفصل السابع أو تفسيرًا قانونيًا لموقع اليمن من قرارات مجلس الأمن فالمشكلة أعمق من النصوص وأخطر من التعريفات إنها أزمة وطنية ممتدة فقدت فيها الدولة مركزها وتحولت إلى ساحة مفتوحة لكل نفوذ وأجندة وأداة ومنذ أن فتحت الحرب أبوابها صار الخارج هو الحاكم الفعلي وإن رفع الداخل شعارات الشرعية والسيادة
التحالف الذي قيل إنه جاء لإنقاذ اليمن وجد لنفسه موقعًا في قلب القرار الوطني ولم يخرج منه حتى اليوم فصار الميناء بيد والحدود بيد أخرى والسماء تحت رقابة ثالثة أما الحكومة التي يفترض أنها تمثل اليمنيين فقد أصبحت تعمل ضمن هوامش مرسومة لا تتجاوز ما تسمح به التحالفات الخارجية هذه ليست سيادة بالمعنى الواقعي بل شكل من أشكال الوصاية المقنّعة التي تتخفى خلف شعارات الدعم والمساندة
في هذا المشهد المرهق تبرز الحاجة إلى إرادة وطنية جديدة لا تحمل البنادق ولا تنتمي إلى محاور متصارعة بل تتحرك باسم اليمن كله إرادة تتجسد في حراك سياسي واسع تقوده القوى الصامتة التي ملّت الانتظار وتؤمن أن المصالحة الوطنية ليست ترفًا سياسيًا بل شرط وجود لبقاء الدولة واستعادة القرار هذا الحراك هو السبيل الوحيد للضغط على المستفيدين من بقاء الانقسام الذين يقتاتون منه على حساب ضعف الدولة ويخافون من أي تغيير
إن الطريق نحو الخلاص يبدأ من الداخل لا من الخارج ومن الوعي لا من السلاح فاليمن لا يحتاج إلى مزيد من البيانات بل إلى شجاعة في مواجهة الوصاية واستعادة قراره الوطني بعيدًا عن أيدي اللاعبين الكبار من خلال مشروع وطني جامع قادر على إخراج البلاد من نفق التبعية وإعادة
ارسال الخبر الى: