زيادة الرواتب قبل إلغاء الدعم في مصر

٧٧ مشاهدة
ما زالت الحكومات المصرية المتعاقبة عاجزة عن إيجاد حلول حقيقية لأزمات الاقتصاد المزمنة سواء تلك المتعلقة بعجز الموازنة المتزايد أو عجز الحساب الجاري الذي لم يتوقف عن الارتفاع منذ عدة سنوات الأمر الذي تسبب في تزايد عمليات الاقتراض داخليا وخارجيا قبل أن تسيطر على المشهد أخيرا ما يمكن أن نطلق عليها اسم سياسة رأس الحكمة مصطلح سياسة رأس الحكمة لم يظهر في كتب الاقتصاد ولا في تحليلات المتخصصين وإنما أنبأتنا به حكومة مصطفى مدبولي حين قررت بيع أو تأجير أو منح حق انتفاع بمنطقة رأس الحكمة لصندوق أبوظبي الاستثماري على أمل الحصول على مليارات الدولارات التي كانت مطلوبة لتوفير الغذاء والدواء للمصريين ولوقف انهيار عملتهم بعد خسارتها أكثر من ثلثي قيمتها على مدار ما يقرب من عامين سمحت الصفقة بالفعل بجذب أكثر من 50 مليار دولار بصورة مباشرة وغير مباشرة من الإمارات وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وإن لم تصل هذه المليارات كاملة إلى حسابات البنك المركزي المصري حتى هذه اللحظة وساهمت الصفقة أيضا في استقرار سعر صرف الجنيه بعد تخفيضه بصورة واضحة أمام الدولار الأمر الذي سهل استقطاب أكثر من عشرين مليار دولار وفقا للأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية من الأموال الساخنة في سوقي الأسهم والسندات أعجب المسؤولون بـسياسة رأس الحكمة وبدا أن هناك رأسا في كل بقعة في أرض مصر يمكن التضحية بها كلما اقتضى الأمر فبدأت السعودية تتفاوض على رأس جميلة وبحثت قطر عن رأس أخرى يمكن شراؤها واستمرت الإمارات ومن ورائها في البحث عن رؤوس معروضة للبيع بينما كانت الصين قد وضعت يدها بحكم ما اقترضناه منها على بعض الرؤوس الصغيرة في مناطق عدة في بر وموانئ مصر ومع هذا التوجه ورغم المليارات التي يتم إنفاقها بصورة بذخية على منشآت حكومية وقصور رئاسية واحتفالات وهمية لزوم ترسيخ الصورة الفرعونية قررت الحكومة المصرية ومن يوجهها تخفيض المبالغ الموجهة لدعم الخبز والكهرباء والغاز والوقود بحجة ارتفاع تكلفتها وتسببها في زيادة عجز الموازنة رفعت الحكومة المصرية في يناير كانون الثاني الماضي أسعار الكهرباء المنزلية للمرة التاسعة منذ عام 2014 وكانت الزيادة الأخيرة بنسبة تتجاوز 20 لشرائح الاستهلاك الدنيا رغم أن دعم الكهرباء في موازنة العام الماضي كان صفرا وأصبح 2 5 مليار جنيه 53 مليون دولار في الموازنة الجديدة للعام 2024 2025 التي أقرها البرلمان هذا الأسبوع وارتفع سعر الكهرباء في مصر بنسبة 1038 منذ عام 2014 كما ارتفع سعر الغاز بنسبة تصل إلى 2400 خلال نفس الفترة والأسبوع الماضي قررت الحكومة رفع سعر رغيف الخبز المدعوم من 5 قروش إلى 20 قرشا الجنيه مائة قرش اعتبارا من بداية شهر يونيو حزيران الجاري بنسبة زيادة تبلغ 300 على ما يقرب من 64 مليون مواطن يوصف نصفهم بالفقر أو الفقر المدقع وفقا لمؤشرات البنك الدولي منذ عدة سنوات وقبل الانهيارات الأخيرة في سعر الجنيه مقابل الدولار وما صاحبها من ارتفاعات جنونية في أسعار أغلب السلع والخدمات بالبلاد خصصت الحكومة 125 مليار جنيه نحو 2 66 مليار دولار في الموازنة الجديدة التي يبدأ العمل بها مطلع شهر يوليو القادم لدعم رغيف الخبز وأقرت بسعيها للتخلص من الدعم تماما وفقا لاتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولي وأكد رئيس الوزراء توجه الحكومة لرفع سعر رغيف الخبز المدعوم لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة بصورة تتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار وفي مارس آذار الماضي رفعت مصر أسعار الوقود وأسعار أسطوانة غاز الطهي للمرة العاشرة منذ عام 2014 وكان من بين هذه المرات ما وصلت فيه الزيادة إلى نسبة 50 ظلت سياسة دعم الحكومات لأسعار بعض السلع محل جدال واسع على مر العصور وأقرها البعض في مصر لمساعدة الفقراء خاصة خلال فترات التضخم المرتفع وأيضا لتجنب الاضطرابات الاجتماعية التي قد تنجم عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية وعلى الجانب الآخر رفض كثيرون برامج دعم السلع المكلفة للحكومة نظرا لتسببها في زيادة العجز المالي خاصة مع تراجع احتمالات حدوث الاضطرابات الاجتماعية وبغض النظر عن الأسباب المؤدية لذلك التراجع ورغم الاختلافات لا يقبل عاقل بإلغاء الدعم في بلد يبلغ متوسط الأجر الشهري فيه ما يعادل 255 دولارا يحصل عليها البعض في بلدان أخرى بسهولة في يوم واحد ورغم انخفاض تكلفة المعيشة في مصر مقارنة بالعديد من الدول الأخرى إلا أن انخفاض التكلفة هذا لا يعوض المستوى الهزيل للأجور في مصر يتجاهل صندوق النقد الدولي أحد أهم مقرضي مصر حقيقة تدني الأجور ويطلب تعديل أسعار السلع والخدمات لتكون بالتكلفة الحقيقية ولا تبدي الحكومة المصرية تعاطفا مع المواطن ولا تفهما لحجم المشكلات التي يواجهها أو الأزمات التي يمكن أن تتعرض لها الأسر المصرية عند إلغاء أو تقليص الدعم وقبل عامين أصدر البنك الدولي تقريرا وضع مصر في المرتبة الثانية عشرة على مستوى العالم من حيث عدد المواطنين المصابين بالتقزم وهو أحد أهم معايير سوء التغذية والجوع وقال البنك وقتها إن مصر بها أكثر من مليوني طفل مصابين بالتقزم بسبب نقص التغذية للأطفال أو للأمهات وكان برنامج الأغذية العالمي WFP قد أكد في العام 2013 خسارة مصر أكثر من 3 5 مليارات دولار سنويا بسبب الجوع وإصابة الأطفال بأمراض نقص التغذية والتقزم نتيجة لزيادة تكاليف الرعاية الصحية وزيادة الأعباء على العملية التعليمية بالإضافة إلى ضعف الإنتاجية دعم أسعار السلع في مصر يسهم في تخفيف أعباء المعيشة على من يحصلون على أجور متدنية بصورة مضحكة مبكية فإن كان لا بد من إلغاء هذا الدعم فليأت إلغاء التخفيض المفروض على الرواتب قبله حتى لا يموت المواطن أو يهاجر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح