ريمة الانتفاضة مستمرة 1 3

قيل إنَّ ريمة تَعني باللغة الحميرية السلالم التي تُؤدي إلى المُرتفعات، وإنْ صَحت تلك التسمية، فهي بالفعل أسمٌ على مُسمى، على اعتبار أنَّها - أي ريمة - سلالم المجد التي صَعدت بأهلها إلى الأعالي، وزادتهم سموًا فوق سموهم، ورفعةً فوق رفعتهم، وجعلتهم يُحدقون من على قممها المتساوية في المدى الرحب، ويَرقبون كل غازٍ ومُحتل، ويُهيئون أنفسهم للانقضاض عليه، وتجريعه كأس المنون.
بين أيدينا انتفاضة مَنسية، جَغرفتها جبال ريمة الشاهقة، وحصونها المنيعة، وأوديتها الضيقة، ورسم فصولها أبطالها المسكونون بأوجاعها، التواقون للحظة الخلاص. كانوا - أي أولئك الأبطال - وما يزالون مُكافحين بطبعهم، صَابرين بسجيتهم، مُقاومين بنزعتهم، تصدوا في مطلع عشرينيات القرن الفائت لأعتى قوة إمامية مُتفيدة، مَسلوبة الإحساس، فاقدة الشعور، لم ترَ في ريمة - أو ريمة الأشابط كما هي تسميتها التاريخية - إلا ذلك القضاء المدرار، الذي يُدر عليها الكثير من الأموال، وفاتها أنَّ نَار الصبر الخافتة قد تتحول فجأة إلى بُركان، وأنَّ الصبر مهما طال لا بُد أنْ يكون له حدود.
علاقة سيئة
علاقة دولة الإمامة الزيدية بريمة سيئة للغاية، تُشبه إلى حدٍ كبير علاقة تلك الدولة الكهنوتية بقرينات تلك المنطقة المسالمة، اللاتي يقعن في وسط اليمن، وغربه، وجنوبه، صحيح أنَّ سيطرة الإمام المُتوكل يحيى شرف الدين وولده الناصر المطهر عليها استمرت لسنوات محدودة، إلا أنَّ سيطرة الدولة القاسمية استمرت لسنوات طويلة، وذلك بدءًا من العام 1036هـ / 1626م.
بعد 18 عَامًا من سيطرة الدولة القاسمية، وبسبب ارتفاع المطالب الضريبية؛ أعلنت قبائل آنس، والحداء، وعتمة، ووصاب، وريمة، تمردها، وقامت بطرد عُمال تلك الدولة منها، وتنصيب الشيخ علي بن ناصر راجح سلطانًا عليها، إلا أنَّ المُؤيد محمد بن القاسم تمكّن من إخماد تلك الانتفاضة، ونكل بالأهالي الثائرين شرَّ تنكيل.
بالتزامن مع ثورة يافع الكُبرى، امتدت ريح الثورة إلى ريمة ووصاب 1110هـ / 1698م، ثار الأهالي المُسالمون على عَاملهم الظالم ابن مغلس، فأرسل إليهم المهدي محمد بن أحمد (صاحب المواهب) بجيش قبلي كبير جُله من أبناء بكيل، تحت قيادة الشيخ صالح
ارسال الخبر الى: