رسالة إلى صادق أمين أبو رأس بين الجمر والصمت والجبين المرفوع

يا صادق بن أمين، يا من بقيت كالجبل في زمن الانهيارات، اكتب إليك لا مدحا، ولكن اعترافا بالزمن الذي يحترق، وبالرجل الذي لم يغادر موقعه، حين قرر الآخرون أن يواروا وجوههم بالحياد أو الغياب.
فيا أيها الشيخ الذي لم يُمسك البندقية، لكنه بقي في موقع النار، نعلم أن صنعاء ليست كما كانت، وأن الحوائط تُصغي لهمس البنادق، لا لعقل السياسيين، ومع ذلك، اخترت البقاء. ولم تكن وحدك، بل كانت معك ذاكرة وطن بأكمله: جمهورية، ومؤتمر، ورجال، وتاريخ.
وحين اخاطبك، لا اطلب مبايعة ولا بيعة، بل أضع هذه الكلمات في يديك كتذكرة لأجيال ستأتي، أن رجلا اسمه صادق لم يغادر القاعة عندما هجم عليها مسلحو الليل، بل خرج مرفوع الرأس، لا مهزوما ولا هاربا، بل مثقلا بما تبقى من الكرامة الوطنية في مدينة باتت تؤمم أحلامها لغير أهلها.
بل في زمن الرماد، أن تبقى هو موقف، وأن تصرخ في وجه الإمامة هو شرف، وأن تقول: المؤتمر باق في صنعاء، رغم الأسنة والأنين، هو قمة النُبل.
..نعم، لسنا جميعا متفقين معك، ولكن من قال إن الاتفاق هو شرط الاحترام؟ فالاختلاف لا يفسد للانتماء وطنا، وللتاريخ موقفا.
ويا صادق، نحن أبناء اليمن، ونعلم أن الإمامة لا تصدق، ولا تبر، ولا تعترف إلا بنفسها.
فلا وطن لها، ولا حليف. وكل من يبتسم لها، تلتهمه، وكل من يصافحها، يُساق إلى الجحيم.
وها هم يُغلقون أبواب حزبك كما يغلقون أبواب المدارس، يظنون أن المؤتمرات تُغتال بالبندقية، ولا يعلمون أن الفكرة إذا سكنت ذاكرة الناس، لا تموت.
..نعم، أنت في معركة، ولكنها ليست بين بنادق، بل بين معنى الدولة وظل الإمامة، بين زمن الجمهورية وبقايا السلالة، و بين وعي الشعب ومكر المذهب.
وأنا إذ اخاطبك ، اطلب منك شيئا واحدا: لا تتنازل، لا باسم السلام ولا بحجة التعايش. فهؤلاء لا يعيشون إلا إذا مت، ولا يصالحون إلا ليغدروا.
فابقَ واقفا كما عهدناك، لا نريد منك معجزة، نريدك فقط أن تصمد، لأنك حين تصمد، تصمد معك ذاكرة وطن،
ارسال الخبر الى: