من رحم غزة الصغير يولد عالم كبير

82 مشاهدة

في قلب الجراح، وبين أنقاض البيوت المدمرة، تخرج غزة، كيوسف هذا الزمان، الذي تنكّر له الإخوة لكنّه لم يتنكر لأهله. مدينة محاصرة لكنها شامخة، تقف وحدها في وجه آلة البطش، تفضح زيف العروش وتعرّي التبعية للهيمنة الأمريكية، وتكشف أن (إسرائيل) لم تعد “دولة”، بل عبء أخلاقي وسياسي وأمني على الإنسانية جمعاء. هنا، في هذا الركن الصغير من العالم، تنبعث كرامة أمة كاملة، وتتجسد مرحلة تاريخية تولد من رحم غزة الصغير.

اندلعت ملحمة 7 أكتوبر، لتعلن بداية طوفان لا يُقهر، دكّ حصون الاحتلال وأربك سردياته، فانتقلت غزة من خانة المفعول به إلى الفاعل، وصاغت بلحظة خاطفة معادلة جديدة: لا تحرير بلا مقاومة، ولا صوت يعلو فوق صوت الصمود. هذه اللحظة التاريخية لم تكن رد فعل، بل نبوءة متحققة، فرضتها أقدام المقاومين ودماء الشهداء، فأعادت تصويب بوصلة الشعوب والضمائر نحو المظلومية الفلسطينية المرتهنة لاحتلال ممتد لأكثر من قرن من الزمن، ولترسم معادلة جديدة أن شعب مظلوم تحت الاحتلال والقهر والحصار قادر على إعادة رسم المعادلة ما امتلك الإرادة والثبات على أرضه.

في زمن منظومة أمريكا الدولية القائمة على الظلم والانحياز، ارتفعت غزة كأيقونة للضمير العالمي، مدينة يحاصرها الحديد والنار، لكنها تكشف زيف “الديمقراطيات” وتعرّي ازدواجية معايير الغرب، وتضع واشنطن أمام مرآة تواطئها السافر. هنا، لم تعد (إسرائيل) دولة قانون، بل عادت لسيرتها الأولى عصابات ابادة تسفك الدماء بزعم أخلاقي مزيّف تعرى حد السفور، لتعيد غزة تعريف مفاهيم الشرعية والمشروعية، وتثبت أن العالم الأمريكي الذي قام على أنقاض الإنسانية المهزومة في الحروب العالمية لا يملك من العدالة إلا اسمها ومن الإنسانية إلا رسمها ومن الأخلاق والقانون إلى ديكوره الذي أسقطوه بملاحقة محكمة العدل الدولية وإجهاض محكمة الجنايات وتقزيم الأمم المتحدة في الفيتو، لتبرهن أن الإنسانية بحاجة إلى نظام دولي عادل لعالم كبير سيولد ولو بعد مخاض عسير من رحم غزة الصغير.

غزة اليوم بعد سقوط (حل الدولتين) تعيد له الروح باعترافات عالمية بدولة فلسطين، وتكشف أن خيار المقاومة هو السبيل الوحيد. وغزة، برغم

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع المشهد الحربي لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح