خطأ عابر في الترجمة أم ذكورية طاغية
في أكثر من مقالة صحافية ونقدية عربية، تكرارٌ لخطأ في ترجمة العنوان الإنكليزي لفيلم الإيرانية زْبيدة فارسي، التي أنجزته مع/عن المُصوّرة الفلسطينية فاطمة حسّونة. الخطأ هذا، إذْ يطرح أيضاً سؤال ترجمة عناوين الأفلام ومسائل سينمائية أخرى إلى اللغة العربية، مُثيرٌ لدهشة متأتية من تساؤلين: ألم يُشاهد فلان أو فلانة الفيلم؟ كيف يُعقل لمن يُشاهِد أنْ يُخطئ هكذا؟
العنوان الإنكليزي: Put Your Soul On Your Hand And Walk. صحيحٌ أنّ الترجمة إلى اللغة العربية قبل المُشاهدة لن تكون صائبة، إذْ تصعب معرفة إلى من يوجَّه الكلام، أإلى رجل أمْ إلى امرأة. لكنّ المُشاهدة توضح هذا، علماً أنّ المروي في الفيلم (2025، 110 دقائق) حاصلٌ بين امرأتين، إحداهما حسّونة، التي تقتلها إسرائيل بقصفٍ متعمّد على منزلها في غزة (16 إبريل/نيسان 2025)، بعد شهرٍ واحد فقط من بلوغها 25 عاماً، وبعد وقتٍ قليل من إعلان اختيارها في برنامج ACID، في الدورة 78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025) لمهرجان كانّ.
المُشاهَدة تؤكّد نقيض الترجمة المُتدَاولة عربياً، التي (الترجمة) تُسقِط المرأة من العنوان، وتتوجّه إلى الرجل. أيكون الخطأ مقصوداً، إذْ يبدو أنّه غير محصور في الترجمة فقط، لأنّه يعكس شيئاً من ذكورية عربية متوارثة في تربية وسلوك جماعيّين، تُصرّ (الذكورية) على تغييب المرأة في مسائل كثيرة، منها مناصب تبلغها، وهذا أقلّ الأمور. فكلمات عدّة تبقى للمذكّر، كأنْ يُقال عن سيدة إنّها المدير الفني أو النائب أو رئيس مجلس الإدارة.
في سياق الحوار بين فارسي وحسّونة، الضاحكة كثيراً بعينيها الخضراوين وملامح وجهها الطيّب رغم كلّ الإبادة حولها (مع لحظات قهر وألم)، تُقال تلك الجملة التي تُصبح عنواناً، والقول لحسّونة التي تذكره في سياق تعبيرها عن إحساسٍ لها ذات لحظة، فتُردّده فارسي متوجّهة به إليها: ضعي روحَكِ على كفِّكِ وامشي. أهناك وضوح أكثر من ذلك؟ لا رجال في السرد كلّه، فلماذا الإصرار على التوجّه بالجملة إلى الرجل، إنْ لم يكن الإصرار متأصّلاً بشكلٍ ذكوري في غالبية العرب؟ الأسوأ أنّ هذه الذكورية حاضرة في أفعال عدّة لصحافيين ونقّاد
ارسال الخبر الى: