حسيب كيالي أديب سوري معروف ولد في مدينة إدلب على الأرجح عام 1921 وتوفي في مدينة دبي في السادس من يوليو تموز 1993 ودفن فيها أحببت أن أكتب عنه شيئا لطيفا في ذكرى رحيله لأنه بلدياتي ابن مدينتي كما يقول أهل مصر بحثت في صفحات الإنترنت عن مجموعته القصصية حكايات ابن العم التي أفتقدها هنا في مدينة إزمير على شاطئ بحر إيجة حيث أقيم مع أسرتي ولم أجدها وكانت المفاجأة الكبرى والمدهشة حيث أوصلني بحثي إلى المكتبة الرئاسية لدكتور القانون الدولي ناظم القدسي الذي انتخب بالأغلبية رئيسا للجمهورية العربية السورية في 14 ديسمبر كانون الأول 1961 إثر الانتخابات النيابية التي جرت بعد الانفصال عن مصر دهشت لأمرين اثنين الأول هذا الكنز الثمين الذي تضمنته المكتبة أكثر من خمسة آلاف وثيقة وصور ومحاضر وجرائد وأرشيف تم جمعها وتصنيفها بعناية ودراية بأهميتها ولعل من أثمن ما في هذا الأرشيف اللقية الثمينة بالفعل محاضر مجلس النواب السوري ما بين عامي 1943 1962 التي تتضمن جميع المناقشات والاقتراحات والقرارات والقوانين التي سنت تلك الأيام بشفافية عالية وبقراءة بعض محاضر الجلسات سيدرك القارئ كيف يجب أن تكون وتدار أي دولة مدنية ديمقراطية في العالم وكأنك في حضرة مجلس العموم البريطاني والتي حاول آباء الاستقلال تأسيسها للأجيال القادمة أما الأمر الثاني الذي أدهشني فهو هذه الرسالة التي تعد وثيقة تاريخية وكتبها الأديب السوري حسيب كيالي إلى رئيس الجمهورية ناظم القدسي يشكو فيها أمره الذي استعصى على الحل في إحدى وزارات الدولة التي كان موظفا فيها الشكوى في صفحتين بخط حسيب كيالي الجميل والصعب القراءة في آن نعم هذه الرسالة بكل تأكيد بخط يده لا شك في ذلك قرأتها بشغف واستعصى علي الفهم في بعض مواضعها ولكن بالمثابرة والصبر وجدت حل ذلك الاستعصاء وها هي رسالة حسيب كيالي الشكوى التي وصلت إلى فخامة الرئيس ناظم القدسي وحفظت في أرشيفه الرئاسي وهي مكتوبة بتاريخ الرابع من فبراير شباط عام 1962 سيدي صاحب الفخامة الأحاديث التي تنتشر بين الناس عن دموعكم ككل رئيس كريم تنبثق من قلب أمتها وضميرها الطيب بالعدالة والتواضع وفتح الباب أمام كل صاحب شكوى يضاف إلى هذه الأحاديث المتواترة ماضيكم الناصع الذي كنا شهوده ونحن صبية بالغون في تجهيز حلب أقول لأن هذه الأحاديث وهذا الماضي يبرر لمثلي وأنا صاحب ظلامة أن أتقدم إليكم بظلامتي وآمل أن تعيروها من اهتمامكم وإنصافكم حسيب كيالي للرئيس ناظم القدسي أنا صاحب ظلامة أتقدم إليكم بظلامتي وآمل أن تعيروها من اهتمامكم وإنصافكم ولست أنوي الإطالة لأنني كنت موظفا في المديرية العامة للبريد والبرق من عام 1945 إلى عام 1959 حين سرحت بقرار جمهوري استنادا إلى المادة 85 من قانون الموظفين بتهمة الشيوعية وهي تهمة نفاها فيما بعد حتى زبانية العهد الفردي الماضي وثبت لهم أنني لا أنتسب لأي حزب وأن هواي إلى الأدب لا إلى السياسة وأن ما أنشره من مجموعات قصص وروايات ومسرحيات ومقالات وما ترجمته عن كبار الأدباء العالميين إذا صح أن له وجها سياسيا فهو وجه ناضر رحب ليس رفقة الحزبية الضيقة صحيح أن التعمق في مثل هذه الأمور لم يكن ديدن القائمين على الأمن في ذلك العهد الشاذ لأن مجرد الوشاية مجرد التهمة كانت كافية لاعتقالي في سجن المزة العسكري سبعة أشهر ونصف الشهر وتسريحي من وظيفتي وبقائي من غير عمل حتى الخامس من كانون الأول 1959 إذ عينني وزير الشؤون الاجتماعية والعمل آنئذ وكيلا في المرتبة الثالثة والدرجة السادسة آخذا بعين الاعتبار أني مجاز بالحقوق من حزيران 1947 أقول عينني في المرتبة الثالثة مع أني سرحت من البريد وأنا في الدرجة الثالثة من المرتبة السادسة يعني إذا كان من حقي أن أنال عام 1947 المرتبة الخامسة فأنا لم أرفع خلال إحدى عشرة سنة إلا درجة واحدة وهذا وضع شاذ له أسباب عديدة لا مجال لإزعاجكم بها ولكنها بكلمة تتعلق بتعيين ملاك البريد قبل أن يتحول إلى مؤسسة عامة واسعة الملاك وبقيت في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكيلا وقد تدرون ما تعني الوكالة من حرمان من الإجازات والترفيع إلخ حتى حدثت انتفاضة أيلول 1961 وإذا محاسب الوزارة يلاحظ بعد الانتفاضة فقط أن تعييننا غير قانوني نظرا لأن المسرح بموجب المادة 85 وقانون الموظفين لا يحق له كما تنص المادة 86 من القانون نفسه العودة إلى الوظيفة العامة سواء وكالة أم أصالة إلا بعد صدور قرار من مجلس الوزراء بجواز استخدامه فما كان من المحاسب بموافقة الوزير إلا أن أوقف رواتبنا وبدأت منذئذ سلسلة مسجلة من الرسائل والمراجعات انتهت بصدور جواز استخدام غريب الشكل يجوز استخدامنا مدة أربعة أشهر فقط أي المدة التي أوقفت خلالها رواتبنا فقط وبعدها بعدها فطن الوزير السيد محمد عابدين إلى أننا بعدها يعتبر وجودنا في الوزارة غير قانوني فانتهز الفرصة بعد أن أكد لنا أن قضيتنا قضيته وكتب إلينا كنا 12 موظفا من نفس الوضع يطلب إلينا الانفكاك ريثما يحل هذه المسألة على وجه مرض الآن إن الوزارة تنوي إعادتي إلى الوظيفة بالمرتبة التي كنت فيها من سبع سنوات يعني أن تذهب كل هذه السنوات التي كنت هدف ظلم وحيف عبثا وأنا رجل رب أسرة كبيرة وبلا عمل