شهدت المواجهة الأولى الشخصية بين مرشحي الرئاسة الأميركية الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب في شبكة سي أن أن التلفزيونية مناظرة محورية ومثيرة للجدل مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر تشرين الثاني 2024 وهي المناظرة الرئاسية الأولى بعد المواجهة بين الرجلين في العام 2020 وأثارت ردات فعل في الطيف السياسي الأميركي وأخرى دولية بين الحلفاء والمنافسين العالميين غالبا ما تتجه الأنظار إلى هذا الفضاء التلفزيوني الأميركي فرصة لإقناع الناخبين المترددين وتوضيحا أكثر للنيات في التصويت وللتأكد من أرقام استطلاعات الرأي وتعد المناظرة الاستثنائية الأولى التي تجمع بين رئيس حالي ورئيس سابق في خضم سياق من القضايا العالقة وفي نسق فوضوي من الاتهامات المتبادلة بشأن قضايا مثارة مثل الإجهاض وإدارة الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية والقضايا القانونية والتهديدات للديمقراطية وتداعيات الحرب في كل من أوكرانيا وغزة ويواجه كل من بايدن 81 عاما وترامب 78 عاما تحديات كبيرة لإثبات أهليتهما وقدرتهما في التعامل مع هذه القضايا كلها أمام نسبة من الشباب الأميركي تراوح بين 20 إلى 25 من السكان كانت ليلة تلفزيونية ما زال تأثير التلفزيون كبيرا ومقيما في الرأي العام ويعكس صورة مؤثرة في زمن التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية مليئة بالأحداث والانفعالات في سياق انتخابي متشدد ومتعادل إذ يعتبر كل من المرشحين تهديدا لمستقبل أميركا عند حلفائه قضى الديمقراطيون ومعهم بعض العالم ليلة صعبة لجهة الاطمئنان لأداء بايدن في المناظرة وأن مرشحهم لا يزال يملك الاختيار الصائب للمنافسة والقدرة على معالجة القضايا الرئيسة والاقتصاد والتغير المناخي والتركيز على النهج العلمي في إدارة الأزمات في حين أن تركيز ترامب على إعادة فتح الاقتصاد ومواضيعه الساخنة في النقاش مثل ترحيل المهاجرين غير الشرعيين جماعيا ما سيؤثر سلبا في الاقتصاد ولن يساهم في حل مشكلة التضخم والركود ويفاقمهما بسبب أخطائه السياسية السؤال ما إذا كان في وسع بايدن البقاء أربع سنوات أخرى أثار مخاوف الناخبين الديمقراطيين ودخلوا في نقاشات لاستبداله في الصعيد الفردي رأى بعضهم أن بايدن كان أكثر تماسكا في المحتوى وأقل استفزازا ما أعطى انطباعا بالاستقرار في حين كان ترامب عدوانيا وأكثر ميلا إلى الهجوم والخروج من السيناريو المحضر مسبقا لم تتغير الردود الداخلية في صعيد قواعد الدعم الخاصة بكل مرشح رأى أنصار ترامب في أدائه قوة بينما اعتبر أنصار بايدن أداءه هادئا ومتماسكا وانقسمت وسائل الإعلام الأميركية بسبب الفوضى والمقاطعات ورأى بعض المحللين أن بايدن تمكن من الحفاظ على هدوئه وتقديم رسالة واضحة رغم تباطئه وتردده بينما كانت استراتيجية ترامب تتعمد الهجوم المباشر والمقاطعة لكن الشبكة التلفزيونية الأكثر تأثيرا في الميديا الأميركية والعالمية عمدت بطريقة غير مسبوقة إلى إظهار الحزب الديموقراطي في موقع من ورط نفسه بترشيح بايدن لا يمكن تغييره إلا بمبادرة الانسحاب الاختياري وعلى الأرجح لن يستمر هذا الترشيح وعرضت خريطة أسماء بديلة مثل نانسي بيلوسي وكامالا هاريس وحاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافن نيوسوم وآخرين وهذا لا يتعلق ببعض أسماء الأشخاص في المستوى الفيدرالي لكن المشكلة تتعلق بالبيروقراطية الأميركية في بلد متقدم ومتنوع إذ تعقيد قواعد عديدة مذهل عند الديمقراطيين في فهم السياسة الخارجية الاقتصاد وقوانين التجارة أو المال أو الطاقة ولوائحها في الصورة بايدن وطني لكنه لم يعد قادرا على القيام بالمهمة وتركيزه مفقود في حين أن ترامب أكثر حيوية لكنه يعتمد على الشعبوية والمبالغة ولا يمكن إصلاحه وليست هذه صفات الرئيس المقبل ولن تقوده إلى الربح وكلاهما خاسر يشعر الديمقراطيون بالألم والاضطراب والصدمة بعد تعثر مرشحهم اللفظي في أثناء الكلام وتعرجه في بعض الأحيان في ردوده أكبر رئيس أميركي سنا في التاريخ واستطاع النجاة وأداء مناظرة مدتها 95 دقيقة لكن السؤال بشأن ما إذا كان في وسعه البقاء أربع سنوات أخرى أثار مخاوف الناخبين الديمقراطيين ودخلوا في نقاشات لاستبداله مع أن فرص انسحابه ضئيلة وسيحتاج خروجه من السباق إلى عقد مؤتمر ديمقراطي في أغسطس آب المقبل ويشعر الجمهوريون بالخجل حين يقارنون مرشحهم الحالي الملاحق في المحاكم بالرئيس رونالد ريغان الذي شجع دور المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والرئيس جيرالد فورد الذي وقع قانون الحقوق المدنية 1976 موسعا حقوق المرأة والأقليات والرئيس جورج بوش الذي أنشأ مكتب المفتش العام لمكافحة الاحتيال والهدر في الإدارة الحكومية كانت المناظرة بين من لا ينبغي أن يأتي رئيسا في مستوى الوظيفة في مثل عمر بايدن سجل تراجعا في استطلاعات الرأي بعد المناظرة ولا يمكن أن يتعافى ومن لا يستطيع أن يكون رئيسا ترامب المتهم بقضايا جنائية ويظهر حوله الفوضى والاضطراب ما اضطر القناة التلفزيونية إلى إدخال تغييرات مثل قطع الميكرفون لضمان أن يتمكن كل مرشح من التحدث من دون مقاطعة مع تقييد حركة الجسد والإبقاء على تعبيرات الوجه وعلى حركة اليدين وعلى الإيماءات والوضعية الجسدية العامة من دون التفاعل مع المحاورين لا مجال للمقارنة بين شخصية مرشحين على تناقض كبير في سياستيهما الداخلية والخارجية ولا حاجة إلى التحليل النفسي بشكل متقدم عندما يتعلق الأمر بفهم سلوكهما وفهم مواقفهما واستراتيجياتهما لذلك كانت المناظرة محطة أخرى من عدم الوضوح وهي أيضا سمة الانتخابات التشريعية الفرنسية ترجيح أكثرية ستكون لمصلحة التجمع الوطني وقيام تحالفات مخالفة لآليات عمل النظام المعمول به في الجمهورية الخامسة سيكون 2024 عاما تاريخيا للديمقراطية مع أكثر من 30 عملية انتخابية في العالم والتركيز على الأثر الاقتصادي لتلك المعارك في السوق الديمقراطية على العموم كانت المناظرة تعبيرا عن الديمقراطية الأميركية المعاصرة في التعامل مع الإنترنت مع زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وكانت ردات الفعل والتعليقات الفورية من الناس أكثر وضوحا وتأثيرا وفي صعيد الردود الدولية رحب الحلفاء التقليديون من الدول الأوروبية وكندا بأداء بايدن الهادئ والمستقر وبالعودة إلى الدبلوماسية التقليدية في العلاقات الدولية ورأى المنافسون العالميون مثل روسيا والصين في فوضى المناظرة انعكاسا للأزمة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة أما الأسواق المالية فهي تميل إلى الاستقرار مع رؤية مرشح مستقر يمكن التنبؤ به عاملا إيجابيا مساعدا للتجارة الدولية والعلاقات الاقتصادية في التقييم الشامل يحتاج العالم إلى صورة أكثر استقرارا واعتدالا وهذا يلاقي قبولا في نطاق واسع داخلي وخارجي في حين أن العدائية والكراهية تنفران الباحثين المستقلين الذين يبحثون عن أميركا الأكثر هدوءا قبل أن يكون الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا والديمقراطية ليست حكرا على حزب بل هي مجموعة من المبادئ والقيم الإنسانية سيما حين يتعلق الأمر بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة سيكون 2024 عاما تاريخيا للديمقراطية مع أكثر من 30 عملية انتخابية في العالم ومع التركيز على الأثر الاقتصادي لتلك المعارك في السوق الديمقراطية وفي أي أيديولوجيا سياسية أيضا ومع أي قادة جدد فهل يكون التركيز أكثر على آفاق الاقتصاد وليس على النظام السياسي