حين تهاوت أركان الدولة وقف القربي شاهقا بثبات المبدأ

يمنات
مـــصـــطــفـــى بن خالد
قراءة في مسيرة رجلٍ حافظ على اتزانه في زمن التطرّف، وبقي وفياً لوطنٍ أُنهك بخيانات النخب
الدبلوماسي الذي ظل بلون الوطن
طبيبٌ في الأصل، ورجلُ دولة في الجوهر .
تخرّج من بريطانيا طبيباً، لكنه عاد ليُعالج وطناً بأكمله. عُيّن وزيراً للخارجية عام 2001، فبقي لعقدٍ ونصف صوتاً للعقل وسط العواصف .
لم يتورّط في فساد، ولم ينجرّ لصراع .
كان وجه اليمن الهادئ في العالم، ولسانه المتزن في لحظة الانهيار. غادر المنصب كما دخله :
نظيف اليد، واضح الضمير، ثابت الموقف .
واليوم، في زمن الضجيج، يبقى القربي من القلائل الذين يُمكن الاتكاء عليهم حين تسقط الأقنعة.
رجل لا يصرخ، بل يوازن…
ولا يُساوم، بل يُنقذ .
في بلدٍ أنهكته النزاعات وتاهت فيه البوصلة بين العواصف، قلّما يخرج من ركام المشهد صوت لا يصرخ، بل يفكّر .
وبينما تتزاحم على الساحة وجوه متبدلة، وأصوات مرتفعة بلا صدى، يظل الدكتور أبوبكر القربي حالة نادرة، وضرورة وطنية تُذكّرنا بأن السياسة ليست ميدان التهريج والانتهازية، بل فنّ إدارة الممكن وتثبيت العقل وسط جنون اللحظة .
ليس مجرّد أستاذ دكتور بارع أو وزير سابق، ولا مجرّد شخصية دبلوماسية عابرة، بل أحد القلائل الذين جسّدوا معنى رجل الدولة في أعمق وأصدق تجلياته .
لم يبع صوته في أسواق التحالفات الرخيصة، ولم يبدّل وجهه على مرآة الأحداث .
ظلّ صامداً، هادئاً، يقول ما يجب أن يُقال حين يصمت الجميع، ويسكت حين يعلو الضجيج ولا يحمل إلا الخواء .
في زمن تحوّل فيه المنصب إلى بوابة للفساد، والمواقف إلى رصيدٍ في بورصة الولاءات، وقف القربي بصلابة من يعرف أن للوطن قدسية لا تُمس، وللدولة مكانة لا تُساوم .
فكان كما عهدناه :
متّزناً حين تطرفت الألسنة، وطنياً حين تفرّق الجميع على موائد الخارج، وبقي من القلة الذين حافظوا على نبرة الانتماء الخالص، لا إلى حزب، لا إلى طائفة، لا إلى منطقة، بل إلى اليمن الكبير .
في هذا المقال، نعيد قراءة سيرة ومسيرة
ارسال الخبر الى: