تعذيب المعتقلين غزيون مفرج عنهم يعانون اضطراب ما بعد الصدمة
٢٩ مشاهدة
يعد اضطراب ما بعد الصدمة من الأضرار النفسية التي لا مفر من الإصابة بها بعد تعرض المعتقلين عموما لانتهاكات شبيهة بتلك التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين الذين يعتقلهم في قطاع غزة ولا سيما في إطار حربه المتواصلة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 منذ بداية الحرب المدمرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والمتواصلة أكثر من ثمانية أشهر يعاني الفلسطينيون في القطاع المحاصر بمعظمهم من اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب الكرب التالي للرضح كل ما يعيشه هؤلاء صغارا كانوا أم كبارا منذ الدقائق الأولى لعدوان الاحتلال الأخير كفيل بالتسبب في هذا الاضطراب النفسي وفقا للمقاييس التي يحددها المتخصصون في هذا المجال وفي حين تختلف أعراض هذا الاضطراب ما بين فلسطيني وآخر كل بحسب ما عاشه تحديدا من أحداث مرعبة وبحسب شخصيته وقدرته على المقاومة فإن الأشخاص الذين اعتقلهم الاحتلال وعذبهم بمختلف الوسائل يعدون إلى جانب الأطفال من بين أكثر المتضررين في هذا السياق قبل أيام انتشر تسجيل فيديو يظهر فيه الفلسطيني بدر دحلان من مدينة خانيونس الواقعة جنوبي قطاع غزة مع عينين مفتوحتين على اتساعهما كأنهما تحدقان بمن حوله وكذلك بالمجهول بعدما أطلق الاحتلال سراحه ولعل عيناه ببروزهما غير الطبيعي أكدتا إصابته باضطراب ما بعد الصدمة علما أن أطفالا كثيرين ظهروا بعيون مشابهة خلال هذه الحرب بحسب ما وثقت صور وتسجيلات فيديو عديدة كذلك أتت حركات جسده ونطقه لتؤكد الأمر نفسه عندما راح يجيب عن أسئلة أحد الصحافيين بشأن حاله وهو يتلعثم وأوضح أنه تعرض لتعذيب شديد بمختلف الوسائل مشيرا إلى ساقيه وبدر دحلان واحد من بين آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة الذين أفرج عنهم الاحتلال بعدما اعتقلهم وحقق معهم وعذبهم في سجونه منتهكا حقوقهم وإنسانيتهم وهو واحد من بين كثيرين أطلق سراحهم وظهرت عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة فيما أصيب آخرون بإعاقات جسدية من قبيل الصمم أو ضعف النظر أو تضرر أحد الأطراف أو غير ذلك وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أفرج يوم الخميس الماضي عن 33 أسيرا فلسطينيا من قطاع غزة اعتقلتهم قواته في أثناء العمليات العسكرية البرية التي شنتها في أكثر من ناحية بالقطاع المحاصر والمستهدف في حين أن من بينهم أشخاصا كانوا يحاولون العودة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة لا سيما مدينة غزة وقد أفرج عن هؤلاء من خلال معبر القرارة الواقع بين حدود مدينة دير البلح وسط ومدينة خانيونس جنوب كان بدر دحلان واحدا منهم في تسجيل الفيديو الذي انتشر يبدو بدر دحلان مترددا وهو يخبر عن سنه ما بين 30 و29 عاما وبالتردد نفسه يجيب عن الأسئلة التي تطرح عليه وهو في ما يشبه حالة تشوش ذهني وفي محاولة للتعرف أكثر إلى حالة بدر دحلان حاولت العربي الجديد التواصل مع أسرته التي هجر أفرادها بعد تدمير منازلهم في مدينة خانيونس يقول محمد دحلان ابن عم بدر إنه كان يعاني من اضطراب نفسي قبل اعتقاله لكن حالته كانت مستقرة لكن الاحتلال لم يستجب لمطالبه وحرمه من العلاج وضربه بشدة الأمر الذي أدى إلى تفاقم حالته يضيف أنه الآن غير قادر على التركيز ولا على التذكر ويتلعثم في كل كلامه وبدر دحلان الذي يسكن اليوم مع زوجته وطفلتهما سندس البالغة من العمر أربعة أعوام في مخيم نزوح شخص لديه اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة التعذيب والظروف القاسية التي تعرض لها في أثناء الاعتقال كذلك تبدو آثار التعذيب واضحة في أسفل قدميه وأسفل رأسه من الخلف في حين تقرحت جروح يديه بسبب ربطها بقوة لأيام عدة ويخبر محمد دحلان العربي الجديد كان ابن عمي يعيش حالة مستقرة مع تلقيه علاجا للاضطراب النفسي المصاب به في الأساس وكان يخرج إلى عمله ويلعب مع طفلته لكن بعد الإفراج عنه تبين أنه فقد جزءا من ذاكرته ولم يتمكن من التعرف إلى بعض الناس يتابع ابن العم أن بدر عرض على أطباء في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح فهو حول إليه بعد الإفرج عنه وهو اليوم ما زال على حاله ولم ينفع أي علاج في مساعدته على النوم والاسترخاء وعدم التفكير والكلام وقد أعلمنا الطبيب أن بدر في حاجة إلى علاج نفسي مكثف إنما في خارج قطاع غزة لكن المعابر مغلقة وبالتالي لا أمل بذلك بدوره أصيب الفلسطيني عمر الدالي البالغ من العمر 40 عاما باضطراب ما بعد الصدمة بعد اعتقاله والإفراج عنه وهو غير قادر على النطق جيدا حتى اللحظة كذلك هو يتكل على ابنه الأصغر مجد البالغ من العمر 19 عاما ليرافقه كيفما تحرك إلى البحر كما إلى الحمام علما أن لديه أربعة أبناء كذلك يساعده مجد في التعرف إلى أشخاص لم يعد يتذكرهم ويحسب ما أفاد أطباء فقد أصيب عكر الدالي بارتجاج دماغي نتيجة ضربه على رأسه في هذا الإطار يخبر شقيق عمر الدالي العربي الجديد أن قبل اعتقاله كان شقيقي شخصا قياديا ويتحمل المسؤولية ويقودنا في نزوحنا وفي مارس آذار الماضي اعتقلته قوات الاحتلال في مدينة خانيونس وأفرج عنه قبل شهر ونصف شهر ويؤكد شقيق عمر الدالي أنه اليوم في حالة صدمة نفسية صحيح أنه تحسن قليلا مع العلاج غير أن الأدوية المطلوبة لم تعد متوفرة أخيرا بحسب ما أخبره أحد الأطباء في إحدى النقاط الطبية بمنطقة المواصي من جهة أخرى خرج الفلسطيني صقر النجار البالغ من العمر 35 عاما من المعتقل وقد فقد قدرته على النطق وهو اليوم يشعر بالعجز إذ لا يستطيع التواصل مع أسرته في أحد مخيمات النزوح غربي مدينة دير البلح يقول والده عزت النجار لـالعربي الجديد إنه يحاول الابتعاد قدر الإمكان عن الناس والتجمعات وفي المساء ينزوي ثم يبكي بشدة ويخبر الوالد أن آثار الضرب كانت ظاهرة على رأس صقر وعلى ظهره عندما أفرج عنه وكان جسده يرتعش بشدة يضيف لكنه في حاجة إلى علاج في مراكز متخصصة خارج قطاع غزة خصوصا أن فقدانه القدرة على النطق من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الذي أصيب به بسبب اعتقاله ولا يخفي الوالد أنه يتعرض بدوره إلى ضغط نفسي من جراء حاله ابنه ويقول عندما أفكر في العلاج في الخارج أتذكر أنني رجل فقير وابني عاطل من العمل ونحن في حاجة إلى المال لإنقاذ حياته مشيرا إلى أنه أب لطفلين ويتابع بالإضافة إلى كل ذلك لا معابر مفتوحة في سياق متصل يقول المتخصص النفسي محمد موسى إنه يحاول مع عدد من المنظمات الدولية العمل من أجل توفير الأدوية اللازمة لعلاج الاضطرابات النفسية عموما في إطار المساعدات المخصصة لقطاع غزة ويشير لـالعربي الجديد إلى أن معبر رفح البري كان يساهم في إدخال عشرات الأنواع من الأدوية مصرية الصنع لتزويد قطاع الصحة النفسية بها لكننا لم نحصل على أي دواء منذ نحو شهرين ولا سيما مع تدمير معبر رفح واحتلاله وموسى من بين المتخصصين الذين تابعوا عددا من الفلسطينيين المفرج عنهم على خلفية إصابتهم باضطراب ما بعد الصدمة ويوضح موسى أن الأشخاص المفرج عنهم الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 عاما و60 عاما يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة ويؤكد المتخصص النفسي أن جميع الفلسطينيين الذين اعتقلهم الاحتلال في قطاع غزة تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب ويبين أن مما تعرض له هؤلاء حرق الأطراف أو إصابتها نتيجة ربط اليدين والقدمين كذلك صبت المياه الباردة جدا على عدد منهم أثناء المنخفضات الجوية الباردة فيما صبت المياه الساخنة جدا خلال ارتفاع درجات الحرارة ويشدد موسى على أن لآثار التعذيب كلها انعكاسات شديدة على صحة هؤلاء الذين أخلي سبيلهم جسديا ونفسيا وهذا أمر يتطلب بيئة علاجية في حين أن هؤلاء خرجوا من السجون الإسرائيلية إلى خيام النزوح فيما العدوان المتواصل وأزيز الطائرات ودوي القذائف تفاقم حالاتهم النفسية أكثر ويكمل موسى أن الفلسطينيين الذين أفرج عنهم يعيشون بمعظمهم حالات خوف وشعور بالعجز والارتباك وصعوبة في التركيز والاكتئاب الشديد والانسحاب الاجتماعي وهذه من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لافتا إلى أن ثمة أشخاصا وصلت الحال بهم إلى الهلوسة بمختلف درجاتها