تعثر مشروع المنطقة الحرة بين تونس وليبيا تعرف على الأسباب
٣٦ مشاهدة
ما زال مشروع المنطقة الحرة للتجارة في مدينة بنقردان التونسية بالقرب من الحدود الليبية متعثرة في الوقت الذي يغلق فيه المعبر الحدودي برأس جدير منذ شهور وتتوالى الوعود الرسمية من الجانبين التونسي والليبي بالتسريع في فتح المعبر الحدودي برأس جدير بعد أشهر من الغلق الذي ألحق ضررا بشبكات التجارة الرسمية وغير الرسمية جنوب تونس وسط دفع إلى احتواء التدفق التجاري بين البلدين داخل أطر رسمية تحد من ارتدادات أزمة تواتر غلق المعبر على البلدين وكانت تونس أعلنت في العام 2012 إنشاء منطقة للتجارة الحرة والخدمات اللوجستية في بنقردان بالقرب من الحدود الليبية بهدف تطوير المناطق الحدودية المهمشة في جنوب شرق البلاد وإضفاء الطابع الرسمي على نشاط المتعاملين الاقتصاديين الذين ينشطون في أطر غير رسمية لكن خطة الاحتواء التجاري لا تزال متعثرة بعد ما يزيد عن عقد من الزمن حيث لم يتجاوز المشروع خطواته الأولى نتيجة الأزمات السياسية في البلدين الجارتين والعجز عن استغلال التنافس الجيوسياسي الدولي لمصلحة تونس ويمثل الخط التجاري الرابط بين تونس وليبيا شريانا حيويا للمناطق الحدودية التي يعيش الآلاف من سكانها من التجارة البينية بشكل غير رسمي ما يجعل من غلق المعبر خنقا لمصادر قوت التجار والمتعاملين الاقتصاديين وفي مارس أذار الماضي أغلقت السلطات الأمنية بطرابلس المعبر وأرجعت ذلك إلى هجوم مجموعات خارجة عن القانون عليه بقصد إثارة الفوضى وإرباك العمل لكنها توصلت بعد ذلك إلى تفاهمات أمنية مهدت إلى قرب إعادة تشغيله من دون تحديد موعد ذلك رسميا غياب المنطقة الحرة ويقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير إن الحياة الاقتصادية والاجتماعية في محافظات جنوب تونس الحدودية ومحافظات الغرب الليبي ستستمر تحت تأثير الغلق المتواتر لمعبر رأس جدير في غياب مقومات حقيقية لإنشاء مشروع المنطقة اللوجستية الحرة وأكد عبد الكبير في تصريح لـالعربي الجديد غياب أي بوادر لاستكمال مشروع المنطقة الحرة في غياب التمويلات اللازمة والإرادة السياسية للبلدين فضلا عن تحول المنطقة الحدودية إلى منطقة نزاع بين مصالح العديد من الدول ورجح المتحدث أن تستمر تأثيرات غياب حلول اقتصادية للمناطق الحدودية لسنوات أخرى مشيرا إلى أن أطرافا دولية أصبحت هي الحاكم الفعلي لمعبر رأس جدير الذي يمثل نقطة ربط دولية مهمة للسلع القادمة من آسيا مرورا بشمال أفريقيا ثم أوروبا وقال مع غلق المعبر وغياب حلول اقتصادية للمناطق الحدودية تبقى المنطقة على رمال متحركة وتؤبد الهشاشة الاجتماعية نتيجة التعويل الكبير على التجارة غير الرسمية لتوفير مواطن رزق للمواطنين هناك ويبعد المعبر نحو 60 كيلومترا عن مدينة زوارة بغرب ليبيا و175 كيلومترا عن طرابلس العاصمة بينما يبعد قرابة 32 كيلومترا عن مدينة بنقردان التونسية وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يوميا ويضيف عبد الكبير لطالما اعتمدت المنطقة الحدودية التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية العابرة للحدود غير أن النظامين التونسي والليبي تفطنا منذ عام 2009 إلى أهمية احتواء التجارة غير الرسمية في المنطقة عبر إنشاء منطقة لوجستية حرة غير أن الثورة في البلدين أحبطت المشروع ويرى رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن كل الحكومات التي تعاقبت على تونس ما بعد ثورة جانفي يناير 2011 فشلت في إيجاد حلول اجتماعية واقتصادية للمنطقة الحدودية الجنوبية ما يجعل السكان المحليين في مواجهة مباشرة لتداعيات غلق المعبر وفق قوله وصدرت دراسة عن مركز مالكوم كارنغي للشرق الأوسط صدرت في مايو أيار الماضي تحت عنوان التقاعس الخطر تونس لم تعد تحتمل أي تأخير في إنجاز منطقة التجارة الحرة الحدودية ويرى معد الدراسة الباحث حمزة المؤدب أن منطقة التجارة الحرة يمكن أن تعزز موقع تونس ضمن بيئة إقليمية وعالمية تنافسية غير أن تأخر المشروع يؤدي إلى فشل في التموقع ضمن هذا الفضاء وتفاقم الصعوبات الاقتصادية للبلاد وقال المؤدب في تصريح لـالعربي الجديد إن لعامل الوقت أهمية جوهرية مؤكدا أن تقدم بعض المدن في غرب ليبيا في تنفيذ مشاريع مماثلة قد يفقد مشروع بنقردان أهميته على المدى القريب وتعتمد منطقة الحدود التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية عبر الحدود حيث تتسامح السلطات منذ أكثر من عقدين من الزمن في عبور السلع المهربة بين البلدين بغاية تعزيز الاستقرار الاجتماعي في منطقة فقيرة وتعتبر ليبيا من أهم شركاء تونس اقتصاديا إذ كانت أول شريك تجاري على الصعيد المغاربي والعربي والخامسة على المستوى الدولي وبلغت نسبة التبادل بينهما نحو ملياري دولار قبل ثورة 17 فبراير شباط ولا تزال تونس وجهة أساسية لليبيين للسياحة والعلاج وكان يتوافد إلى تونس قبل جائحة كورونا نحو 1 5 مليون مواطن ليبي سنويا وتمثل السوق الليبية أهم سوق تصديرية لمنتجات الزراعة التونسية حيث تستأثر بنحو 60 من منتجات الفواكه الفصلية وتعيش نحو 3 آلاف عائلة تونسية من التجارة البينية إضافة إلى مئات المؤسسات التي تشتغل في التصدير نحو السوق الليبية ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن تعثر فتح معبر رأس جدير منذ مدة يطرح عدة إشكاليات اقتصادية واجتماعية لا تهم منطقة بن قردان وولايات الجنوب فحسب بل تشمل مستوى التبادل بين تونس وليبيا وعدد من الدول المجاورة وقال النوري في تصريح لـالعربي الجديد مشروع المنطقة الحرة بمدينة بن قردان يمكن أن يشكل حلا لانسيابية السلع وبوابة لكل من تونس وليبيا لدفع المبادلات التجارية والاقتصادية مع دول أفريقيا جنوب الصحراء وقسم من بلدان شمال أفريقيا عامة