تصورات مفهوم الشعر بين الفكرين العربي واليوناني
هل الشّعر حكْرٌ على العرب؟ كثيراً ما نتداول عبارة الشّعر ديوان العرب على اعتبارها تمثيلاً للعلاقة الوثيقة بين العربي والشّعر، لكنّ الاتصال بالشّعر بناءً على رؤيةٍ عامّةٍ له على أنه فنٌّ إنسانيٌّ عتيق؛ يضاعف التّساؤلات حول علاقة جماعات أخرى بالشّعر، ويعقِد مقارنات بين تصوّرات الشعر في فكر الجماعات.
تعددت كتب النقد العربي القديم التي تناولت الشّعر العربي وما يتعلق به في عناوين مألوفة، في باب فضل الشّعر، أورد كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني عنواناً مختلفاً، وهو قيّد اليونان علومهم بالشّعر انبثق عنه قول ابن رشيق: ومن فضائله أن اليونانيين إنّما كانت أشعارهم تقييد العلوم والأشياء النفيسة والطبيعية التي يخشى ذهابها، فكيف ظنك بالعرب الذي هو فخرها العظيم وقسطاسها المستقيم من هنا، يوسع ابن رشيق الآفاق؛ لعقد مقارنة بين التّصوّرات المنبثقة عن مفهوم الشّعر بين الفكرين العربي واليوناني.
لا شعر دون شاعر؛ لذا من الصّواب التّطرق إلى منتج الشّعر أولاً. الشّاعر عند ابن رشيق هو من يشعر بما لا يشعر به غيره، وفيه جملة من السّمات، قال فيها: فإذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ولا اختراعه، أو استظراف لفظ وابتداعه، أو زيادة في ما أجحف فيه غيره من المعاني، أو نقص مما أطاله سواه من الألفاظ، أو صرْف معنى إلى وجه عن وجه آخر؛ كان اسم الشاعر عليه مجازاً لا حقيقة، ولم يكن له إلّا فضل الوزن، أمّا الشّاعر عند أرسطو، فهو المّحاكي، الذي يتعدى سمة النّظم، قال: لقد جرت العادة على أنّه إذا ما وضعت مقالة منظومة في الطّب، أو العلوم الطّبيعية، أن يسمّى ناظمها شاعراً. مع أنّه لا يوجد وجه شبه مشترك بين هوميروس وأمبدوكليس غير استعمال الوزن والعروض، ومن ثمّ، يكون من الأصوب أن نسمي أولهما شاعراً، أمّا الآخر فيصدق عليه اسم العالم الطّبيعي.
يلتقي التصوران في نقطة اختلاف الشاعر عن الناظم، فليس كل نظم شعراً، ولكن، ينفي أرسطو اسم الشاعر عن الناظم، بناءً على الموضوع أو (ما يُحاكى) ليطلق اسم الشاعر على هوميروس (صاحب الشعر الملحمي
ارسال الخبر الى: