عندما تصبح الرفاهية جزءا من معادلة حكم إسبانيا
تتجه حكومة رئيس الوزراء إسبانيا بيدرو سانشيز إلى تخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين عبر خطوة لافتة تمثّلت في إقرار نظام جديد للسفر بالقطارات ووسائل النقل العام، بأسعار شبه رمزية، يُنتظر أن يدخل حيّز التنفيذ نهاية يناير/كانون الثاني القادم. وقد قُدّمت هذه الخطوة في الخطاب الرسمي بوصفها هدية أعياد للمواطنين، غير أنها تعكس في جوهرها مساراً اقتصادياً واجتماعياً متكاملاً انتهجته حكومة سانشيز منذ سنوات.
وبموجب النظام الجديد، ستُطرح بطاقة سفر شهرية موحّدة تتيح استخدام القطارات والحافلات الإقليمية ومتوسطة المدى بشكل مفتوح مقابل نحو 60 يورو للبالغين، و30 يورو للشباب دون سن 26 عاماً. وتراهن الحكومة على أن تجعل بطاقة النقل العام هذه خياراً جذاباً واقعياً، ليس فقط بسبب انخفاض الكلفة، بل أيضاً بوصفه بديلاً مستداماً يخفف الضغط البيئي ويحدّ من الاعتماد على السيارات الخاصة. وبذلك مددت الحكومة دعم التخفيضات على النقل العام بنسبة 40% حتى عام 2026، مع بطاقة 60 يورو الجديدة التي تُعد رهاناً على التنقل المستدام وقوة الشراء للطبقة الوسطى، وقد تُوفّر نحو 750 يورو سنوياً للمسافر العادي.
وأشار تقرير اقتصادي إلى تخصيص الحكومة نحو 878 مليون يورو لدعم التنقل المستدام في 2025، لتشمل خفض كلفة النقل العام، وتفعيل تسهيلات لركاب القطارات والحافلات، وتوسيع دعم دراجات المدن.
وأكد سانشيز أن العمل بالبطاقة سينطلق رسمياً مع نهاية الشهر الأول من العام المقبل، ضمن حزمة إجراءات اجتماعية تهدف إلى التخفيف من آثار التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. وتقدّر السلطات أن يستفيد من البطاقة نحو مليوني شخص، لا سيما من الطلبة والعاملين الذين يعتمدون على التنقل اليومي بين المدن. ولم تُحسم بعد مسألة استفادة السياح أو المقيمين الأجانب، كما أوضحت الحكومة أن العرض لا يشمل قطارات المسافات الطويلة.
غير أن هذه الخطوة لا يمكن فصلها عن السياسات الاقتصادية الأوسع التي تبناها سانشيز، والتي ركّزت على حماية الطبقة الوسطى والفئات الأكثر هشاشة. فمنذ توليه رئاسة الحكومة، رفع الحد الأدنى للأجور عدة مرات، وزاد المعاشات وربطها بمعدلات التضخم، ووسّع برامج الدعم الاجتماعي، في محاولة واضحة
ارسال الخبر الى: