تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها مثل عربي يروي قصة الكبرياء في زمن الجوع
بين الحكمة والإباء

الكرامة أولًا «تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا» بين الحكمة والإباء .. في رصيد الموروث العربي، يبرز هذا المثل القديم كواحدٍ من أقوى العبارات التي تعكس عمق الفهم العربي لمعنى الكرامة والشرف، لا سيما في زمن الشدة والضيق؛ فرغم قساوة الحياة في الصحراء، كانت المرأة العربية تُربى على العفاف، ويُنظر لها على أنها رمز الصون والمروءة، حتى في وجه الجوع والفقر المدقع.
امرأة من نجد تختار الشرف على الذهب
تروي القصة أن سيدة من أرض نجد، في زمن الجاهلية، عانت من قسوة القحط، وجفاف المراعي، وهلاك الزرع والماشية. كانت أرملة تعول أطفالًا صغارًا، فقدت زوجها في غزوة سابقة، ولم تملك سوى خيمتها المتواضعة، وسمعةً طاهرة عُرفَت بها بين قومها، وبرغم الجوع الذي ألمّ بأسرتها، حافظت على عفتها ولم تمد يدها لأحد.
في مساءٍ عسير، جاءها رجل غريب من أهل التجارة، استغل الحاجة التي تمر بها القبيلة، وتقدم إليها بعرضٍ خبيث. عرض عليها المال والطعام مقابل جسدها، معتقدًا أن الجوع قد يُلين العزائم ويكسر الإرادات، لكن ردها جاء حاسمًا، فيه من القوة والكرامة ما صدّه عن مسعاه.
بصوتٍ هادئ ولكن حازم، أجابته قائلة: اخرج، لا يُشترى الجسد ممن لم يبع النفس، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، خذ ذهبك وألقه في صحرائك، فما عندنا يُغني عنك؛ بهذه الكلمات، لقّنته درسًا في الشرف، وأثبتت أن الكرامة لا تُقايض بالجوع، وأن الحرّة لا تبيع جسدها مهما اشتدّ بها الضيق.
قصة هذا المثل لا تقتصر على زمنٍ مضى، بل تصلح أن تكون عبرة في كل عصر. ففي عالمنا اليوم، حيث تتعدد الضغوط وتتنوع أشكال الفقر، يبقى جوهر المثل شاهدًا على أن الكرامة الإنسانية لا تُقدّر بثمن؛ فالفقر ليس عيبًا، ولكن العيب كل العيب أن يُساوِم الإنسان على جسده، أو يبيع شرفه لأجل المال أو الطعام.
الكرامة لا تُشترى
بعد أن طُرد الرجل الغريب بخيبة، عادت المرأة إلى صغارها، لم تبكِ أو تندب حظها، بل خلعت غطاء رأسها لا
ارسال الخبر الى: