تجارة البصر خطر يتهدد عيون المواطنين في غياب الرقابة الطبية

في زحمة الحياة اليومية وصخب المدن، تتناثر هنا وهناك ظواهر اجتماعية واقتصادية قد تبدو للوهلة الأولى عادية، لكنها تحمل في طيّاتها مخاطر جمّة تهدّد سلامة المواطن وصحته.
وإذا كان الحديث عن غياب الرقابة الطبية يثير عادة تساؤلات حول الصيدليات والعاملين بها، فإن هناك ظاهرة أخرى لا تقل خطورة وتنتشر انتشار النار في الهشيم، مهددة أغلى ما يملك الإنسان: بصره وحبيبتيه.
نتحدث هنا عن الانتشار الهائل لمحلات بيع النظارات الطبية في كل زاوية وشارع وحي، لا سيما في مدن مثل عدن، تلك المحلات التي تتسابق لجذب الزبائن، فتُبهر العيون بواجهاتها الجذابة، وأناقة عامليها، وطريقة تعاملهم التي توحي بأنهم مستشارون في طب العيون، لكن الحقيقة المرّة أن وظيفتهم غالباً ما تقتصر على تشغيل جهاز الفحص الإلكتروني للنظر، دون أي إلمام حقيقي بطب العيون.
إن وظيفة العامل في تلك المحلات، والذي لا يمتلك أي خلفية طبية، بأن يقوم بإدخال رأس الزبون إلى الجهاز، ويسجل الأبعاد التي يظهرها الفحص الإلكتروني، ثم يعطيه موعداً لتركيب النظارة بناءً على اختيار الزبون لشكل الإطار.
الأمر أشبه بمن يمتلك طابعة لنسخ المستندات ويخيّرك أتريدها ملونة أم عادية ، فيقوم بنسخ الأوراق دون إلمام بالتنسيقات أو الزوايا أو الأبعاد بدقة واحترافية، وهكذا تحوّل جهاز فحص النظر من أداة طبية مساعدة إلى آلة تجارية بحتة، ويصبح العامل عليها، والذي قد يكون قد تدرّب لبضعة أيام على استخدامها، يشعر وكأنه بروفيسور في طب العيون، يمارس عمله مع المسؤول والمواطن والصغير والكبير، والذكر والأنثى، ببراعة مصطنعة، وجرأة و وقاحة نحن حقيقة من صنعه.
إن هذه الحرفة تدر أموالًا طائلة على أصحابها دون جهد كبير، في ظل أجواء المحلات المزخرفة بالإضاءات الكلاسيكية والتكييف اللطيف والروائح الزكية..
لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو: أين الدولة؟
وأين أصحاب الاختصاص؟ وهل قامت الجهات المعنية بالنزول إلى هذه المحلات للتأكد من هوية وشهادات وخبرات وتخصصات من يقومون بهذا العمل الحساس؟
إن هذه الظاهرة خطيرة وتزداد انتشاراً يوماً بعد يوم، وتتسبب في إضعاف البصر أو حتى
ارسال الخبر الى: