بريطانيا والتجربة الدنماركية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945، خضعت سياسات الهجرة من العالم الثالث إلى الدول الأوروبية لقاعدة العرض والطلب، فعندما كانت اقتصادات القارة بحاجة إلى إعادة البناء وتعاني نقصاً في القوة العاملة، كانت تلجأ إلى معين لا ينضب هو مستعمراتها السابقة لاستقدام الأيدي العاملة الرخيصة. من شبه القارة الهندية وأفريقيا والكاريبي في الحالة البريطانية، ومن شمال أفريقيا في حالات فرنسا وبلجيكا، ومن تركيا في الحالة الألمانية، كانت برامج الاستقدام وأحياناً التوطين سخية في سنوات الخمسينيات والستينيات.
لكن عندما ينكمش الاقتصاد وتشحّ الوظائف، مثلما حدث في منتصف السبعينيات كان المهاجرون (الذين أعادوا بناء الاقتصادات المهدّمة) أول من يوضع في قفص الاتهام، فيجري تحميلهم مع أبنائهم وزر التدهور الاقتصادي، لتقيد الحكومات دخول الأجانب، وتحشر تجمعاتهم في زوايا منسية في ضواحي مدنها. وحينما يعلو صوت اليمين المتطرّف وترتج الأرض تحت أقدامه، تتكاتف مؤسّسات الحكم الأوروبية للبحث عن السبب، وفي كل مرة تكتشف أنهم الأجانب، الذين يتسببون في انعدام الأمن وتفتت المجتمع ليعلو سؤال الـنحن والـهم، أي أبناء البلاد الأصليين في مقابل المهاجرين، ومن أحق الناس بالاستمتاع بخيرات البلاد إلّا أهلها؟
عندما كانت اقتصادات القارة الأوروبية بحاجة إلى إعادة البناء وتعاني نقصاً في القوة العاملة، كانت تلجأ إلى مستعمراتها السابقة لاستقدام الأيدي العاملة الرخيصة.
تتبدى هذه المقاربة في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين على لسان وزيرة الداخلية البريطانية شبانه محمود، التي تنتمي لحزب يساري عريق هو حزب العمال الحاكم، لكنها تتبنى في الآونة الأخيرة خطاباً يمينياً وكأنها تريد الذود عن معاقل الفشل العمالي في مواجهة هجمات اليمين المتطرف، فقضية الهجرة بالنسبة للوزيرة، التي لا تنسى دائماً التذكير بأن أبويها مهاجران قانونيان (ومن ثم لا أحد يزايد عليّ)، تثير الانقسام المجتمعي والكراهية... عندما يرى السكان الأصليون أن المهاجرين غير الشرعيين يعيشون في وضع أفضل منهم. وقد تفتقت قريحة محمود والحزب الحاكم عن استعارة تجربة الدنمارك في وضع المهاجرين في عذاب دائم بين البقاء أوالترحيل لعشرين عاماً لكي تردع كل من يفكر في
ارسال الخبر الى: