في خطوة توصف بالانتقامية والمناطقية المجلس الانتقالي ينفذ أكبر عملية تسريح قسري تطال آلاف المسؤولين الشماليين في عدن

نفّذ المجلس الانتقالي الجنوبي، يوم الاثنين، أكبر عملية تسريح قسري تستهدف آلاف الموظفين الشماليين في مدينة عدن، ضمن حملة وُصفت بأنها إقصائية وانتقامية تعيد إلى الأذهان ممارسات ما بعد حرب صيف 1994.

وأفادت مصادر في وزارة الخدمة المدنية بعدن بأن المجلس الانتقالي، الذي يهيمن فعلياً على مفاصل حكومة المرتزقة الموالية لتحالف العدوان، أصدر توجيهات بإسقاط عشرات الآلاف من الموظفين من كشوفات الرواتب، بينهم مسؤولون كبار ومديرون عامون ينحدر معظمهم من المحافظات الشمالية، في خطوة تهدف إلى إحلال عناصر موالية للمجلس في مواقعهم.

وأضافت المصادر أن العملية تبرَّر ظاهرياً بمزاعم “الازدواج الوظيفي”، غير أن التنفيذ الفعلي يتركز على استهداف فئة محددة من الموظفين بحسب انتمائهم الجغرافي، حيث تم استبعاد المئات دون أي تحقيق أو مراجعة قانونية، في حين تم الإبقاء على عناصر منتمين للانتقالي في الوظائف ذاتها.

وكانت وزارة الخدمة المدنية في حكومة عدن قد أصدرت بياناً وصفت فيه الإجراء بأنه “تحذير للموظفين المزدوجين للمراجعة خلال فترة محددة”، إلا أن الآلاف من أبناء المحافظات الشمالية باتوا عاجزين عن دخول عدن نتيجة القيود الأمنية والنزعات المناطقية التي يفرضها الانتقالي على مداخل المدينة، ما يجعلهم فعلياً مستبعدين من الوظائف ومحرومين من مرتباتهم.

ويرى مراقبون أن الخطوة تمثل تصعيداً خطيراً في سياسة التمييز المناطقي والإقصاء الوظيفي، إذ تأتي بالتزامن مع تحركات إقليمية تهدف لإعادة هيكلة حكومة عدن تحت مبرر “الإصلاح الإداري” تمهيداً لصرف المرتبات الموقوفة، وهو ما اعتبره محللون فرصة للانتقالي لترسيخ نفوذه وتمكين حاشيته على حساب الكفاءات الوطنية.

وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان المرحلة التي أعقبت حرب 1994، حين جرى تسريح عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين الجنوبيين من مؤسسات الدولة، في مشهد يتكرر اليوم ولكن بصورة معكوسة ضد أبناء الشمال.

ويحذر مراقبون من أن هذه السياسات تعزز الانقسام وتعمّق الشرخ الوطني، وتكشف أن المجلس الانتقالي يسعى لتكريس واقع الانفصال الإداري والوظيفي بالقوة، في ظل غياب أي دور للحكومة المعترف