منذ أن سيطرت حركة طالبان الأفغانية على الحكم في صيف عام 2021 تدهورت الأوضاع الأمنية في باكستان بشكل كبير وسادت مظاهر التسلح وأعمال العنف والخطف والقتل والتفجيرات خصوصا في مناطق شمال وجنوب غربي باكستان جميع المواطنين يعانون من ويلات الحرب ونتائجها الوخيمة لكن نساء المناطق النائية هم الأكثر تأثرا خصوصا أن حياتهن تخضع منذ القدم لأعراف تفرضها قبائل متحفظة وفيما تمنع الأعراف القبلية المتشددة المرأة من التعليم وأحيانا من تلقي العلاج والخروج من البيوت إلا في حالات الضرورة القصوى جاءت الحرب على الإرهاب لتجعل المرأة مشردة أو أرملة أو قتيلة أو جريحة كما حال باقي أفراد القبائل وبعدما شن الجيش الباكستاني عام 2014 عمليات كبيرة ضد الجماعات المسلحة التي جعلت منطقة القبائل بؤرا لها أضحت منطقة القبائل هادئة نسبيا فعاد إليها أفراد القبائل الذين تشردوا باستثناء من هاجروا إلى ولايات في جنوب أفغانستان وهي خوست وبكتيا وبكتيكا والذين لا يزالون موجودين هناك ورغم عودة الهدوء نسبيا إلى منطقة القبائل الباكستانية لكن تبعات الحرب استمرت بسبب الدمار ووجود بذور لجماعات مسلحة فيها وهو ما يؤثر على حياة أفراد القبائل خاصة النساء ويؤكد زعماء قبليون أن منطقة القبائل محرومة من كل مقومات الحياة فلا رعاية صحية ولا مراكز تعليم والخراب والدمار في كل مكان وجرائم الخطف متواصلة والمتهم بارتكابها محسوبون على أجهزة الدولة أو عصابات لا يمكن لها العمل من دون دعم جهات قوية وكل من يرفع صوته ضد الحكومة أو سياساتها يتعرض للخطف أو الاغتيال تقول الناشطة في منطقة القبائل زينب موسى زاي لـالعربي الجديد لم تكن المرأة في منطقة القبائل تحظى بكل ما تحتاجه من شؤون الحياة من تعليم ورعاية صحية وغيرها من الحقوق قبل الحرب على الإرهاب لكنها كانت تعيش في أمن واستقرار وكرامة داخل بيتها وقريتها وفي حيها وبعد هذه الحرب أصبحت المرأة مشردة تتجول من خيمة إلى أخرى واستمر ذلك سنوات قبل أن تعود إلى قرى مدمرة لا حياة فيها ثم فاقمت الأعراف السائدة التبعات الثقيلة للحرب والدمار على حياتها لكنها عاشت على الأقل في حالة جيدة نسبيا ومع وصول طالبان إلى الحكم في أفغانستان تغيرت الأحوال مجددا في مناطق القبائل الباكستانية ولم تعد المرأة الباكستانية قادرة على الخروج من المنزل والحصول على ما تحتاجه بحجة أن الوضع الأمني غير مستقر علما أن العائق السابق الوحيد كان الأعراف السائدة ثم أضيف إليها الوضع الأمني السيئ حاليا يقول الزعيم القبلي في منطقة مهمند خادم الله خان لـالعربي الجديد تعثرت حياة المرأة بسبب أمور كثيرة منها تفجير المدارس الخاصة بالبنات الذي أثر على تعليم الفتيات ووظائف النساء والذي دفعها إلى إغلاق أبوابها بسبب موجة العنف الجديدة وجعل ذلك الكثير من الفتيات من دون تعليم ونساء ومعلمات من دون وظائف ويذكر قصة فتاة من منطقة القبائل تعلمت بنفسها وعانى والدها كثيرا بسبب منع تعليمها لكنه وفر لها كل ما تحتاجه حتى أكملت التعليم يضيف خادم الله حين أكملت الفتاة تعليمها في مدينة بشاور حيث كانت تعيش في بيت خالتها جاءت إلى المنطقة كي تؤسس مدرسة للبنات ففرح الجميع بقدومها علما أنها كانت تأخذ رسوما رمزية زهيدة لتعليم البنات ثم تلقت فجأة تهديدات من جهات مجهولة وصولا إلى تفجير مجهولين مبنى المدرسة في أحد الأيام ولم تيأس الفتاة وأعادت فتح المدرسة في بيتها لكن أحدا لم يتجرأ على إرسال البنات إلى منزلها خشية من تفجيره فأغلقت الفتاة المدرسة وذهبت مرة أخرى إلى مدينة بشاور لتدرس في مدرسة هناك وتعيش مجددا في بيت خالتها بينما بقيت عائلتها في منزلها بمنطقة القبائل لأنها لا تستطيع دفع إيجار منزل في بشاور وتعلق الناشطة الباكستانية أفشين عبد الله على ما يحصل في حق البنات في المناطق غير الآمنة في الشمال والجنوب الغربي بالقول لـالعربي الجديد لا شك في أن الحالة مأساوية وهي تسير نحو الأسوأ فمنطقة القبائل ومناطق شمال غربي باكستان أصبحت مرة أخرى ميدانا للصراعات والمرأة تدفع ثمنا باهظا لها