بارديلا على عرش باريس

٦٠ مشاهدة
في عمر العاشرة مثلا تشعر بألم ما تزور مع والديك طبيبا فيصف لك دواء بكمية مناسبة لسنك يتحسن حالك في سن الـ30 تشعر بالآلام نفسها لكن الطبيب الماهر لن يكرر الوصفة نفسها التي منحها لك في طفولتك بل بكميات أكبر من الدواء نفسه أو من دواء مختلف الطبيب الذي يمتلك وصفة واحدة فقط من دون تغييرها لكل آلام مراحلك العمرية هو طبيب لا يستحق الشهادة الجامعية التي نالها في فرنسا بات التكرار أشبه بأسطوانة مبتذلة رديئة الصنع وسيئة الصوت فإذا كانت مواجهة اليمين المتطرف في رئاسيات 2002 أمرا استثنائيا وطارئا جمع كل الأحزاب الفرنسية لكسره فإن تكرار مفهوم توحيد كل الأحزاب ضده في الجولة الثانية من التشريعيات الفرنسية غدا الأحد لا يعني سوى عجز خصوم اليمين المتطرف عن تقديم فكر سياسي يمنع الناس من الانجذاب إليه ولو كان شعبويا لا يمكن لأحد تجاهل غياب عقدين من التواصل بين معسكري اليسار ويمين الوسط من جهة والناخبين من جهة أخرى لا يتعلق الأمر بالهجرة والإسلاموفوبيا حصرا بل بملفات أكثر خصوصية وثقافية داخل فرنسا وإن كان الاقتصاد أولوية تتمحور تحديدا في جمود تطوير الفكر الفرنسية المنبثقة من ثورة 1789 ـ 1799 والجمود هنا لم يعد مختلفا عن جمود الاتحاد السوفييتي قبل سقوطه الفراغ والارتباك في تطوير الهوية المولودة من الثورة في موازاة غياب ترف مناقشة الفكر لمصلحة مواجهة ماديات العالم الواقعي من اقتصاد وربطه بالمهاجرين والحاجات الصحية والنفسية وكثافة التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي في الأجيال الجديدة ذلك كله دفع إلى بروز حالات حادة لا تقبل النقاش خصوصا في مسألة صياغة هوية فرنسية متجددة كالتي يفعلها اليمين المتطرف على قاعدة شعبوية محورها قومي في المقابل يبدو دائما أن الأطراف المواجهة لليمين المتطرف وكأنها في موقع ردة فعل لا في موقع الفاعل والمبادر ومعروف أن من يخسر عنصر المبادرة هو من يخسر الحرب برمتها خسرت كل المعسكرات في عام 2002 بردة فعلها التي لم تواكبها بمبادرة جدية لعرقلة صعود اليمين المتطرف وللرئيس الحالي إيمانويل ماكرون دور هائل في نمو اليمين المتطرف بدءا من مغالاته في دعواته إلى كل المعسكرات للانضمام إليه ضد الشعبويين مرورا بوضعه فرنسا على فوهة بركان سياسي سيسمح انفجاره بإيلام الفرنسيين وصولا إلى تحوله إلى بنيامين نتنياهو آخر في مساعيه للمحافظة على السلطة غدا الأحد يتجه الفرنسيون مجددا إلى صناديق الاقتراع وقد تتراجع حصة اليمين المتطرف في البرلمان الفرنسي ويفشل في الحصول على غالبية نيابية تتيح له تشكيل حكومة عظيم ماذا بعد منذ 22 عاما كان جان ماري لوبان والد مارين في خريف حياته السياسية وكان الاعتقاد أن هزيمته أمام جاك شيراك في رئاسيات 2002 كافيا لقطع طريق المستقبل أمام أنصار اليمين المتطرف حسنا إذا وضعنا مارين لوبان جانبا ها هو جوردان بارديلا بات الشخص المطلوب في أوساط اليمين المتطرف بما يملكه من خصائص جسدية جزءا من التفكير اليميني المتطرف في صناعة القادة القادر على استقطاب شرائح شبابية متأثرة حكما بالأوضاع الاقتصادية وبالحملات الدعائية المكثفة ضد الغرباء من يضمن ألا يكون بارديلا ملك باريس المستقبلي في ظل انغماس باقي الأحزاب في معارك داخلية تشبه معارك النبلاء إبان الثورة الفرنسية كيف يمكن أن تواجه يمينا متطرفا وشابا متحمسا يقوده إذا لم تكن لدى ماكرون أو اليسار أو أي حزب آخر أجوبة غير تلك المعروفة عن فاشية اليمين المتطرف وعنصريته فإن كلاما مماثلا للذي تفوهت به رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني عن أن شيطنة اليمين المتطرف لم تعد مجدية سيعبد الطريق لبارديلا وأمثاله للتربع على عروش القارة القديمة حينها فقط سينتبه معارضو اليمين المتطرف إلى ضرورة تغيير أساليب المواجهة أي بعد فوات الأوان

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح