عاجل انهيار نظام حضوري يشل آلاف المعلمين والوزارة صامتة

في صدمة تقنية عنيفة هزت أركان النظام التعليمي السعودي، انهار تطبيق حضوري صباح اليوم تاركاً أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة عالقين أمام شاشات لا تستجيب، في مشهد يذكّر بانقطاع الكهرباء عن مصنع عملاق. بينما تقرأ هذا الخبر الآن، آلاف المربين ما زالوا محاصرين في فوضى رقمية لا تنتهي، والوزارة تلتزم صمتاً مريباً حيال هذه الكارثة التقنية التي كشفت هشاشة الاعتماد الأعمى على التكنولوجيا.

انتشر العطل التقني بسرعة البرق عبر جميع المدارس السعودية، حيث وجد المعلمون أنفسهم عاجزين عن تسجيل حضورهم في نظام يُلزمهم بالبقاء 7 ساعات يومياً. أستاذة فاطمة، معلمة رياضيات من الرياض وأم لثلاثة أطفال، تحكي بصوت مرتجف: حاولت لمدة 30 دقيقة متواصلة دون جدوى، والخوف يأكلني من أن يُسجل غيابي. الأرقام صادمة: 90 دقيقة إضافية يقضيها المعلمون يومياً بلا طلاب، في انتظار إتمام ساعات العمل المطلوبة، كطابور بنك معطل لا ينتهي.

هذا النظام، الذي استحدثته وزارة التعليم كجزء من خطة الرقمنة الطموحة ورؤية 2030، بات يذكّر بمشاكل أبشر وتوكلنا في بداياتهما المتعثرة. د. محمد العتيبي، خبير التحول الرقمي، يؤكد أن الاعتماد المفرط على التقنية دون خطط بديلة يُحول النعمة إلى نقمة. المفارقة المؤلمة أن نظاماً مصمماً لتوفير الوقت والجهد، بات يهدر ساعات ثمينة من حياة المربين، مخلفاً وراءه موجة من الإحباط والغضب.

التأثير لا يقتصر على المدارس فحسب، بل يمتد لتعكير صفو الحياة الشخصية للمعلمين. أستاذ سعد من جدة يصف معاناته: أطفالي ينتظرونني في المنزل، لكنني مجبر على البقاء هنا أحدق في تطبيق معطل. لو تم تجميع الوقت المهدر اليوم لجميع المعلمين، لكان كافياً لبناء مدرسة جديدة كاملة. الخبراء يتوقعون مراجعة شاملة للنظام، بينما يطالب المعلمون بحلول فورية وعدم المساءلة على هذا العطل الخارج عن إرادتهم.

هذه الأزمة تطرح سؤالاً جوهرياً حول مستقبل التعليم الرقمي في المملكة: هل نحن مستعدون حقاً لمواجهة التحديات التقنية، أم سنبقى رهينة لأعطال الأنظمة؟ الوقت أصبح ضيقاً أمام وزارة التعليم لاستعادة ثقة المربين وإثبات أن التقدم التقني لا يعني التضحية