اليمن العلماني هو الحل والبديل عن الدولة الطائفية المذهبية

يمنات
عادل السياغي
في عالمٍ عربيٍّ تتقاذفه أمواجُ التوترات الطائفية، والانقسامات المذهبية، وصراع الهويات، تبرز العلمانية لا كمجرد “فكرة” أو “موقف فكري”، بل كضرورةٍ تاريخية من أجل بناء دولةٍ مدنية حديثة قادرة على استيعاب التنوّع دون الانزلاق إلى هاوية الاحتراب الديني.
وقد حمل هذا اللواء في العصر الحديث عدد من المفكرين العرب، لعل أبرزهم فَرَج فُودة وسَيِّد القِمْني، اللذان دفعا ثمن أفكارهما من حياتهما وسلامتهما، في مواجهة دولة دينية متزمتة، غالبًا ما تتدثّر بشعاراتٍ سُنيّةٍ أو شيعية، تتوسل “المقدّس” للهيمنة على “السياسي”. وفي سياق مثل اليمن، يصبح التساؤل عن إمكانية إسقاط العلمانية أكثر من مجرد فرضية فكرية؛ بل تحدٍّ فعلي لواقع متشظٍّ ينزف بسبب صراعات الدين والهوية.
أولًا: فَرَج فُودة وسَيِّد القِمْني: رموز العقل في وجه القداسة
فرج فودة (1945–1992) كان صوتًا علمانيًّا استثنائيًا في زمنٍ تصاعدت فيه موجات الإسلام السياسي في مصر والعالم العربي. كتب فودة عن الدولة الدينية ومخاطرها، منتقدًا تجارب الخلافة الإسلامية التي تم تقديمها كـ”نموذج ذهبي”، مؤكدًا أنها لم تكن سوى سلطات سياسية لبست لبوس الدين لشرعنة قمعها. في كتابه الحقيقة الغائبة، قال بوضوح إن “الدولة الدينية هي بوابة الطغيان”، وبيّن كيف استُخدم الدين لتكفير المخالفين، وتجريم الفكر، وإسكات النقد.
سَيِّد القِمْني، الذي توفي عام 2021، اتّخذ مسارًا أكثر بحثيًّا وأركيولوجيًّا في قراءته للتاريخ الإسلامي. كتب عن العلاقة بين السلطة والدين، وعن كيفية نشوء الجماعات الدينية وتطوراتها، مستخدمًا أدوات التأريخ والأنثروبولوجيا لتحليل النشأة السياسية للإسلام والحركات الدينية. كان القمني يصرّ على إعادة قراءة التاريخ لا بوصفه “رواية مقدسة”، بل كمادة نقدية يجب أن تُفكّك لفهم الدين كظاهرة اجتماعية وتاريخية، لا كمنظومة فوق بشرية مغلقة.
كلا المفكرين لم يكن ضد الدين، بل ضد توظيفه السياسي. كانا من دعاة دولة القانون والمواطنة، حيث لا فضل لمسلم على مسيحي، ولا لسُني على شيعي، ولا لرجل على امرأة، إلا بمقدار انتمائه للدولة لا للطائفة.
ثانيًا: الدولة الدينية المتزمتة: سُنيّةً كانت أم شيعية
في مقابل الطرح العلماني، تتمركز الدولة الدينية ككيان
ارسال الخبر الى: