اليمن عن العرم السياسي وتفرق أيدي سبأ

وردت في القرآن الكريم آية عن «قوم سبأ» الذين أنشأوا حضارة عظيمة في اليمن أنهم لفرط ما كانوا فيه من النعم والتقدم الاقتصادي والزراعي ـ بشكل خاص ـ سألوا الله أن يباعد بين أسفارهم.
وجاء وصف رخائهم الواسع بأنه: «آية، جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور»، ويرد المزيد من وصف حضارتهم الزراعية في القرآن في الآية: «وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة، سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين». وقد كان «مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء، بل حيث نزل وجد ماء وثمراً، ويقيل في قرية ويبيت في أخرى، بمقدار ما يحتاجون إليه في سيرهم»، حسب وصف ابن كثير.
وفي لحظة إشباع مترف شعر هؤلاء القوم بالملل، فدعوا الله أن يباعد بين أسفارهم، فجاء الرد: «فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق»، بعد أن أُرسل عليهم «سيل العرِم»، فشتت شملهم، ومن هنا ضربت العرب مثلاً بالشتات الذي أصاب سبأ في قولهم عمن تشتت جمعهم: تفرقوا أيدي سبأ»، أي تفرقوا كما تفرقت سبأ.
وإذا كان «سيل العرم» السبب في تفرق السبئيين في الماضي، وذلك بتدميره سد مأرب، فإن «العرم السياسي» اليوم يتسبب بتدمير دولة اليمن، في ضرب من الشتات والتشويش الذي يلقي بظلاله على صورة اليمن في التاريخ، ويؤثر على وضعه في الجغرافيا، دون أن نغفل عن الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية المدمرة لهذا «العرم السياسي» الذي ظل – ولا يزال – يتدفق على مدى سنوات طويلة، دون أن يتوقف عند حد.
وإذا طالت آثار وعواقب هذا العرم السياسي جميع مناحي الحياة في البلاد، فإن أسبابه لا يمكن فصلها عن مناحي الحياة تلك، وإن كان العامل السياسي هو ما يطغى على السطح، إلا أن تراكمات اقتصادية واجتماعية كان لها دور كبير في تفجر الأوضاع السياسية التي توجت بانقلاب الحوثيين على النظام الجمهوري في البلاد، ومحاولاتهم فرض رؤيتهم السياسية والطائفية بقوة السلاح.
مثل الانقلاب الحوثي الكارثة التي جلبت الحرب، وجاءت الحرب ونتج عنها كوارث
ارسال الخبر الى: