من رماد الوحدة إلى ميلاد الدولة الزبيدي يقود معركة الاستقلال الثاني

لم تكن الوحدة اليمنية في العام 1990 مجرد اتفاق سياسي، بل كانت حلماً جنوبياً صادقاً قوبل بنوايا غدرٍ سكنت دهاليز السلطة في صنعاء. واليوم، وبعد ثلاثة عقود من الصراع، يقف القائد عيدروس الزبيدي في قلب العاصفة، لا ليحمي مكتسبات سياسية، بل ليقود إرادة شعب قرر أن يكتب فصله الأخير في معركة الهوية والوجود.
بدأ مشروع الوحدة الذي قاده علي عبدالله صالح تحت شعارات قومية براقة، لكن سرعان ما كشر النظام عن أنيابه. كانت الثغرة الكبرى تكمن في عقلية الضم والإلحاق التي حولت الشراكة إلى احتلال. وبدلاً من دولة النظام والقانون، فُرضت الوحدة بقوة السلاح في صيف 1994، وهي الحرب التي لم تدمر المعسكرات فحسب، بل دمرت العقد الاجتماعي، وأحالت الجنوب إلى غنيمة حرب يُتقاسمها المتنفذون.
لم يكتفِ النظام المهزوم أخلاقياً بالانتصار العسكري، بل انتهج سياسات قمعية فاقت كل التوقعات، تمثلت في: الاغتيالات الممنهجة: تصفية الكوادر الأمنية والعسكرية الجنوبية في سيناريو رعب لإفراغ الجنوب من نخبته وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين والجنود قسراً، وتحويلهم إلى أرصفة البطالة في واحدة من أكبر عمليات الإقصاء والتهميش في التاريخ الحديث.
من الساحات إلى المتاريس
ورحم المعاناة ولد الحراك الجنوبي في 2007، ليواجه الآلة العسكرية بصدور عارية، معلناً للعالم أن الجنوب بركان لا يهدأ. ومع رياح الربيع العربي، تطور النضال الجنوبي ليتجاوز المطالب الحقوقية نحو تقرير المصير. وحين حاولت المليشيات الحوثية استباحة الجنوب مرة أخرى في 2015، تحول النضال السلمي إلى كفاح مسلح مقدس، طهر الأرض وصنع واقعاً جديداً لا عودة فيه للوراء.
اليوم، بعد استكمال التحرير للارض الجنوبية لم يعد المشروع الجنوبي محصوراً في عدن، بل امتد ليرسم ملامح الدولة من المندب إلى المهرة. إن معركة تحرير وادي حضرموت وتطهير المهرة من أدوات الفوضى والتهريب ليست مجرد طموح عسكري، بل هي استكمال للسيادة الوطنية الجنوبية. إنها صرخة أبناء تلك المناطق الذين ضاقوا ذرعاً بالهيمنة، مطالبين بتمكينهم من إدارة أرضهم وحماية ثرواتهم تحت راية الجنوب.
لقد تجاوز قطار الإرادة الشعبية محطات الأقاليم والمبادرات المنقوصة. إن
ارسال الخبر الى: