الميتفورمين تحت المجهر هل نعرف أخيرا كيف يخفض سكر الدم
دواء قديم.. بسر جديد

منذ أكثر من ثلاثة عقود، وُصف دواء الميتفورمين لملايين المرضى حول العالم لعلاج داء السكري من النوع الثاني، لكن رغم فعاليته المثبتة، ظلت آلية عمله الكاملة غامضة إلى حد كبير، اليوم، تُسلط دراسة جديدة الضوء على جانب غير متوقع: قد لا يكون الكبد وحده هو محور تأثير الميتفورمين، بل الأمعاء أيضًا.
تحويل الجلوكوز إلى غذاء للبكتيريا النافعة
تشير النتائج إلى أن الميتفورمين يحفّز الجسم على إفراز الجلوكوز من مجرى الدم إلى الأمعاء، حيث تتغذى عليه بكتيريا الأمعاء، محوّلة إياه إلى مركبات كيميائية تُساهم في تحسين حساسية الإنسولين وتقليل الالتهاب، هذا الاكتشاف قد يفسر جزءًا مهمًا من التأثير العلاجي للدواء، ويمنح العلماء منظورًا جديدًا في محاربة السكري.
اعتمد الباحثون على تحليل بيانات خمسة مرضى مصابين بداء السكري، إلى جانب تجارب على الفئران، أظهرت النتائج أن تناول الميتفورمين ضاعف تقريبًا كمية الجلوكوز التي تُفرز في الأمعاء، ما يشير إلى أن الجسم يستخدم آلية بديلة للتحكم بنسبة السكر في الدم.
عند دخول الجلوكوز إلى الأمعاء، يُحفّز نمو أنواع معينة من البكتيريا التي تنتج أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة، وهي مركبات ترتبط بتحسين الحاجز المعوي، تقليل الالتهاب، وتعزيز الاستجابة للإنسولين.
لفهم كيف يتحول الجلوكوز في الأمعاء، استخدم الباحثون جلوكوزًا معدّلًا يحتوي على نظير ثقيل من الكربون، ما سمح بتتبع حركة الكربون داخل الجسم، أظهرت التحاليل أن البكتيريا حولت الجلوكوز إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة تحتوي على هذا الكربون الثقيل، في إشارة مباشرة إلى مشاركة البكتيريا المعوية في فعالية الميتفورمين.
وفقًا للباحثين، فإن خفض نسبة السكر في الدم لا يتم فقط عبر تقليل إنتاج الجلوكوز في الكبد أو تحسين استجابة الخلايا للإنسولين، بل أيضًا من خلال التأثير على البيئة المعوية، البكتيريا المفيدة تساهم بدور مزدوج: تقليل الالتهاب وزيادة حساسية الأنسولين.
رغم أهمية النتائج، تعاني الدراسة من بعض القيود، أبرزها صغر العينة البشرية (فقط خمسة أشخاص)، وتفاوت الجرعات، إضافة إلى إجراء تجارب القوارض على ذكور فقط، ما يطرح تساؤلات حول تأثير الجنس
ارسال الخبر الى: