المناظرة اليتيمة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ توفيق السامعي

40 مشاهدة
ما أشبه الليلة بالبارحة انقلب الإماميون الجدد على الحوار الوطني الذي استمر عاما كاملا في صنعاء بين مختلف القوى اليمنية ومكوناتها ومضوا في سبيل الإرهاب والقتل وفرض فكرهم بالحديد والنار فكل حوار هو تهديد لهم وتقزيم لفكرهم ودحض لحججهم وتعرية لمشاريعهم ثمة حقيقة ساطعة سطوع الشمس في التاريخ اليمني وطيلة صراع اليمنيين مع الإمامة عبر مراحل التاريخ المختلفة تتمثل هذه الحقيقة في أن الإماميين مهما بلغ علمهم وحججهم ومنطقهم وادعاءاتهم العلمية أعجز من أن يناظروا غيرهم من علماء السنة اليمنيين بحجة المنطق السليم والحوار الرشيد لأنهم لا يستطيعون الوقوف في وجوههم ولا تقوى حججهم على المواجهة العلمية المهنية والمنهجية حتى وإن كانت مراء لذلك لا يحاورون ولا يجاورن فيلجأون لفرض أفكارهم بقوة الحديد والنار والإرهاب في إطار مذهبهم الداخلي ومكونهم الهاشمي الإمامي نعم عقدوا بعض المناظرات وإن كانت من باب مناظرات الإكراه والتغلب والاستعراض الذي لا يقوم على الحجة بل على الإرهاب والتعبئة والتبعية وأشهر تلك المناظرات وإن كانت غير مهنية ولا علمية ولا متكافئة مناظرة الإمام السفاح عبدالله بن حمزة مع المطرفية والتي حدد هو أجندتها وميدانها ونتائجها واستحقاقاتها وشروطها فقد اشترط عليهم إن غلبهم أن يقتل رجالهم ويسبى نساءهم وييتم أطفالهم ويهدم دورهم ويغنم أموالهم إنها جرائم تاريخية فادحة لم يكن لها مثيل بين العرب ولا المسلمين وربما حتى بين البشرية جميعا حتى أنه بعد تلك المناظرة كفرهم واستباح دماءهم وقتل منهم مائة ألف رجل كما جاء في السير وكتب التاريخ حتى وإن كان الرقم مبالغا فيه إلا أنها تظل من أبشع الجرائم في التاريخ اليمني من قبل هذا الإمام كما سبى نساءهم وذراريهم وهدم بيوتهم وشرد من لم يصل إليهم إن الأبشع من ذلك كله أنه كتب إلى كل عماله في مناطق حكمه أن يتتبعوا كل من يشتبه أنه مطرفي ويقتلونه إما جهرا وإما غيلة اغتيال بل إنه تفنن في ارتكاب البشاعات بحقهم والسبب أنهم أجازوا أن تكون الإمامة في غير البطنين لا أكثر فاختلق لهم كل تهمة ووصمهم بكل جريمة وشوههم بكل نقيصة ومن أكبر الكبائر التي ارتكبها بحقهم أيضا أنه كان لا يعفو عن أحد منهم حتى لو أظهر اعتقاد الإمام نفسه فإنه يشك فيهم ويقول إنما هروبا من السيف والقتل فقد جاء في سيرته ولما تمكن الإمام عليه السلام من قتلهم أمضى فيهم حكم الله تعالى وقال أريد أن أجعلها سنة باقية يعمل بها من قام ودعا من أهل البيت فيما بعد إن شاء الله تعالى وأتى برجل إلى حوث وهو من أكثرهم فسادا وأخبثهم اعتقادا وهو معدود عندهم في العلماء يقال له حسان بن نعمة فأمر الإمام عليه السلام به فضربت عنقه السيرة المنصورية صـ847 كان عبدالله بن حمزة يرى عدم منازعتهم الإمامة مطلقا من غير البطنين وقعد لذلك قواعد القتل والاستحلال للدماء في أنه يجب محاربته وقتله كما أفتى بذلك واعتبر أن من قتل دعيا فإنه يتقرب إلى الله بدمه وأنشأ قصيدة في حق نشوان الحميري وبنيه جاء فيها أما الذي عند جدودي فيه فيقطعون لسنه من فيه إذ صار حق الغير يدعيه ويؤتمون ضحوة بنيه وحينما تغلب هذا الإمام السفاح على الجزء الأعلى من اليمن ودخوله صنعاء عام 599هـ أيام اضطراب الدولة الأيوبية وضعفها كان أول من أدخل صيغة حي على خير العمل في الأذان إلى صنعاء عبر التاريخ إذ أنه لما دخل صنعاء أقيمت الجمع وأذن بحي على خير العمل مع كراهة الجند لذلك ولأول مرة يفرض المذهب الهادوي على صنعاء في تلك الأثناء فقد كانت اليمن إما مالكية أو حنبلية وقلة شافعية ولم يكن قد اتخذ المذهب الشافعي مذهبا رسميا للبلاد إلا في عهد الملك المنصور نور الدين عمر بن علي رسول فرض المذهب الهادوي بالقوة كما تفعل الحوثية اليوم من إحلال لذات المذهب المخلوط بالإثنى عشرية الخمينية وتم التضييق على السنة ولم تكن الهادوية لها وجود قبل ذلك إلا نادرا لكون الهادي الرسي لم يستقر في صنعاء فقد كان يتم إخراجه فور دخولها ولم يقر له قرار فيها ولم يستطع فرض مذهبه بالقوة كما فعل السفاح عبدالله بن حمزة بناء على ذلك المذهب وتوسعه في صنعاء وجد بعض أدعياء العلم من الهادوية ممن كرسهم ابن حمزة ومن نشأوا بعده وعلمهم لم يكن شاملا كاملا بل كما هو اليوم علم في إطار مذهبهم وسلالتهم علم الولاية والبطنين وأنهم أصحاب القرآن وأنه لا يفسر إلا من سلالتهم ولا يؤخذ العلم من طرقهم فأرادوا أن يستظهروا على السنة بهذا العلم لكنهم ينهزمون لكونه محصورا في سلالة وفي مذهب كانت السنة قد ضعفت في تلك الأثناء بضعف الدولة وتشتتها واستظهرت الهادوية على السنة بفعل التغلب الهادوي الذي كرسه ابن حمزة في صنعاء ولما استعادت الدولة الأيوبية زمام الأمور وطرد عمال الإمامة بعد الحمزاوية جاء وجهاء الهادوية إلى والي صنعاء حينئذ للأيوبيين وهو الحسن بن علي بن رسول الملقب ببدر الدين يستعرضون علمهم وأفكارهم على السنة ولم يكن من علماء السنة في ذلك الوقت من يشار له بالبنان في صنعاء وحواليها فهاب السنة من مناظرتهم واعتبروه عجزا وهرعوا إلى الأمير الحسن بن علي رسول كونه من السنة وواليا للملك المسعود الأيوبي على صنعاء كان لتلك اللحظة تأثير على العامة يمكن أن يلبسوا عليهم ويمكن أن تؤدي هذه المناظرة إلى تمدد الهادوية على حساب السنة وتكريسها في صنعاء وما حولها لأن معنى ذلك القتل والتهجير للسنة وليس فقط غلبة المناظرة وتمدد المذهب بشكل علمي حواري حتى الحسن بن علي بن رسول تردد وأخذ في نفسه شيئا من ذلك فما كان منه إلا أن أرسل رسولا إلى أخيه أمير وصاب وما حولها حينئذ نور الدين عمر بن رسول الذي سيصبح فيما بعد مؤسس الدولة الرسولية وسلطانها فسأل عن أفضل العلماء في ناحيته فدل على الفقيه موسى بن أحمد بن يوسف التبعي الحميري الوصابي وكان عالما في الفقه والتفسير والحديث واللغة طارت شهرته الآفاق اليمنية حينما أقرأ أبعاد تلك المناظرة أشبهها بمناظرة موسى لفرعون في يوم الزينة فقد كانت مشهودة جماهيريا وسياسيا ونخبويا ونتائجها سيكون لها ما بعدها عندما اطمأن بدر الدين بن علي رسول لهذا الفقيه وافق على المناظرة واشترط على الهادوية شرطا وحيدا كصاحب منطق وحجة وعلم ودراية إن غلبتم الفقيه موسى رجعنا إلى مذهبكم وإن غلبكم الفقيه رجعتم إلى مذهبنا السنة وافق علماء الهادوية على ذلك ولم يطمئن الحسن من تسليمهم بالأمر إلا بأخذ المواثيق والعهود منهم فقد كان يعلم غدرهم وخداعهم ومن من اليمنيين لا يدرك غدر الهادوية وقد كانوا حديثي عهد وغدر بالوزير الأيوبي سيف الدين سنقر في صنعاء جمعت الهادوية أربعين عالما هم خلاصة علمائها وذهبوا واثقين إلى هذه المناظرة التي ستكون اليتيمة في تاريخهم على الإطلاق مع الطرف السني كتب الأمير بدر الدين إلى أخيه نور الدين في وصاب بذلك وانتدبت الهادوية أربعين عالما منهم من الذين لا يطاقون في مناظرة ولا علم وحينما دخلوا وصاب قصدوا الحصن الذي فيه الأمير نور الدين وأوصلوا إليه كتاب أخيه وكان نور الدين هذا قد خبر الفقيه موسى التبعي ولم يخالجه شك في انتصاره عليهم وفي اليوم التالي أخذ نور الدين الوفد من حصن نعمان ويسمى أيضا حصن نعيمة وهي نعيمة المسواد العريقية حاكمة المعافر في القرن الأول قبل الميلاد بوصاب إلى قرية الفقيه ومسجده فوجدوه يدرس في المسجد ويلقي الدروس على طلابه وبعد السلام عليه قاطعوه من الدرس ولم يدعوه يكمل وهذا من عدم التأدب على مجالس العلماء الذين عادة ما يتم تركهم حتى ينتهوا من إلقاء الدروس ثم التفرغ للمناظرة كانت العنجهية والغرور والثقة بالنفس هي الحادية بهذا الفريق للتعامل بعدم لياقة مع هذا الفقيه ومجلسه فالإماميون لا يحترمون عالما من غيرهم ولا يقيمون له وزنا فما بالكم بعالم جاؤوا لمناظرته ودحض علمه وحجته كانوا أربعين عالما منهم في مقابل الفقيه موسى لوحده وبدأوا يقاطعونه في درسه ويسألونه وهو يجيب ويرد مسائلهم بما يعترض مسائلهم لم تكن المناظرة قد بدأت بعد فتلك المناظرة قد سمع بها في كل اليمن حتى اجتمع إليها عامة الناس في ذلك المكان من أهل المنطقة عموما ومن حاشية الأمير نور الدين فقد كانت موضع التحدي ونتائجها هامة ربما تغير مستقبل اليمن في الجانب الطائفي بحسب شرط الأمير بدر الدين وهي بذلك مهددة لعرش الدولة الأيوبية والسنة في صنعاء عقدت المناظرة بعد ذلك بين الطرفين وناظرهم على مذهبهم مناظرة كاملة أسقط حججهم وسفه رأيهم فما كان منهم إلا أن انخذلوا وخرست ألسنتهم وتبين عجزهم وكانت أول وآخر مناظرة مع السنة في اليمن كان من نتائج هذه المناظرة أن تجمع الأهالي عليهم وصاحوا بهم في الطرقات وطارت شهرة المناظرة الآفاق وسمع بها في كل اليمن وخرجوا عن مجلس الفقيه مدحورين خزايا واستطار الأمر بين الناس أنه قد قطعت حجتهم ولم يقم لهم صورة ولا لمذهبهم وصاح الناس بهم في قمم الجبال وبطون الأودية وهموا بنهبهم لولا أنهم كانوا في وجه الأمير نور الدين وتحت حمياته فامتنعوا من نهبهم وسار ذلك الفريق خائفا يترقب حتى خرجوا من وصاب لكن هل وفوا بعهودهم ومواثيقهم التي أخذها عليهم الأمير بدر الدين في صنعاء كلا لم يفعلوا فهم أهل غدر ونكث في عهودهم ومواثيقهم فقد كان الأصل أن يتم تحول الهادوية إلى السنة بحسب الشرط المبرم مع والي صنعاء بدر الدين الرسولي إلا أنهم ظلوا يتمردون على الولاة والسلاطين يتمددون تارة ويتراجعون تارات أخرى بحسب قوة الدولة وهيبتها أو ضعفها وتراجعها هذه معلومة للناس جميعا كيف ومتى دخل المذهب الهادوي صنعاء وقد كانت سنة 100 ومن حينها دخل في الأذان حي على خير العمل والأصل أنها سنية وستظل سنية إن كانت هناك دولة حقيقية تعيدها إلى أصلها ولذلك رأينا مع تمدد كل إمامة إلى صنعاء يقومون بفرض فكرهم الطائفي بالحديد والنار لا بالمنطق والحوار

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الصحوة نت لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح