المصالحة الوطنية في اليمن فرصة تاريخية

بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلم
اليمن يقف اليوم في وضع بالغ التعقيد فلا هو في حالة حرب شاملة ولا في سلام مستقر بل في مرحلة يمكن وصفها باللاسلم واللاحرب تتوقف فيها المعارك الواسعة لكن يستمر النزيف الاقتصادي والمعاناة الإنسانية والانقسام السياسي والمجتمعي هذه الحالة المعلقة تفتح الباب أمام مخاطر متجددة وتؤكد في الوقت نفسه أن لا سبيل إلى مستقبل آمن إلا عبر مصالحة وطنية شاملة
السعودية بحكم موقعها الجغرافي ودورها السياسي والتاريخي في الشأن اليمني تملك القدرة على أن تتحول من طرف مباشر في الصراع إلى راع رئيسي للسلام فبعد سنوات من قيادة التحالف العسكري أصبحت تمتلك الأدوات السياسية والاقتصادية والضمانات الإقليمية التي تجعلها الأقدر على جمع الأطراف اليمنية ودفعها نحو تسوية شاملة رعايتها لأي مشروع مصالحة لن تكون مجرد خيار إضافي بل ضرورة واقعية لتهيئة الأجواء لتسوية حقيقية
المصالحة الوطنية المنشودة لا تعني فقط إيقاف المواجهات أو عقد اتفاقات جزئية بين قوى متصارعة بل هي عملية أوسع تقوم على معالجة المظالم والاعتراف المتبادل والعدالة الانتقالية وجبر الضرر وضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروة وإنهاء المركزية السياسية والإدارية فالتجارب العالمية ومنها جنوب أفريقيا أثبتت أن أي مصالحة حقيقية تبدأ من معالجة الجذور لا من الاكتفاء بالحلول السطحية
الأزمة اليمنية في جوهرها أزمة سياسية وليست اجتماعية أو مناطقية كما يروّج البعض فاليمنيون لا يحملون عداء تاريخيا لبعضهم البعض بل فرضت الحرب والانقسامات ثقافة الشيطنة والفرز الطائفي والقبلي لذلك فإن المدخل الأساس هو المصالحة السياسية التي يمكن أن تنتج عنها مصالحة اجتماعية واسعة أما العكس فلا يؤدي إلى نتيجة مستقرة ومن هنا فإن رعاية السعودية لمصالحة سياسية شاملة تضمن إشراك جميع الأطراف تمثل خطوة أولى ضرورية لنجاح أي مشروع وطني جامع
تغيير الثقافة السائدة في البلاد أمر لا يقل أهمية عن التفاهمات السياسية فخطاب الكراهية والتحريض والحملات الإعلامية المتبادلة غذت الانقسام وأعاقت أي جهد للتقارب لذا فإن وقف هذا الخطاب والانتقال إلى لغة التسامح والقبول المتبادل ضرورة ملحة ويجب أن يقترن
ارسال الخبر الى: