المسافر الأزلي صيف مثلج في بوينس آيرس

86 مشاهدة
تفاجأ بوينس آيرس ببداية تساقط الثلوج رغم أن الوقت صيف لا تتوقف الثلوج عن التساقط وسرعان ما يدرك الناس أن هذا ليس ثلجا عاديا فالمعرضون إليه يموتون بسرعة وكثيرون يموتون خوان سالفو ريكاردو دارين من القلائل الذين نجوا من هذه الظاهرة الجوية المميتة ومع ناجين آخرين عليه الآن أن ينجو بطريقة ما وسط هذه العاصفة الخطيرة مدفوعا بالقلق على زوجته السابقة إيلينا كارلا بيترسون وابنتهما كلارا مورا فيز اللتين يريد إنقاذهما بأي ثمن لكنه لا يدرك أن الثلج ليس سوى الهجوم الأول لجيش أجنبي يغزو الأرض يخوض خوان سالفو وأصدقاؤه صراعا يائسا من أجل البقاء والسبيل الوحيد لذلك هو التكاتف والقتال لن ينجو أحد بمفرده الكائنات الفضائية لا تفقد جاذبيتها السردية أبدا فهناك دائما أفلام ومسلسلات قيد الإنتاج تحكي عن لقاءات مع كائنات حية غريبة أخيرا أصدرت أمازون برايم فيديو فيلم الرعب الخيالي العلمي الكلاسيكي والسوريالي Ash الذي تدور أحداثه حول امرأة تعاني من فقدان الذاكرة تعود إلى وعيها في محطة فضائية مليئة بالجثث كانت الأمور أقل وحشية في المسلسل البولندي Project UFO يعرض حاليا على نتفليكس الذي يقدم دراما تدور حول شخص يؤمن بوجود كائنات فضائية في أعماق البحار ورجل يريد استغلال الموضوع تجاريا الآن مع المسلسل الأرجنتيني The Eternaut المسافر الأزلي تصدر خدمة البث الحمراء عملا ثانيا يتناول الكائنات الفضائية في تتابع سريع يشي برواج أو شعبية لا تتضاءل لمثل هذه الإنتاجات التي تستشرف عالما كابوسيا وعلى عكس الإنتاج البولندي أعلاه تلعب أشكال الحياة خارج كوكب الأرض دورا حقيقيا هنا عندما يحدث الغزو الفضائي يستغرق المسلسل وقتا للوصول إلى الكائنات الفضائية فلا يتضح في البداية ما تدور حوله هذه الظاهرة التي لا يمكن تفسيرها يبدو المسافر الأزلي أشبه بقصة كارثية نموذجية المقارنة بالفيلم الفرنسي Acid 2023 جوست فيليبو واضحة ففي كلتا الحالتين يفر رجل من عاصفة قاتلة مع زوجته السابقة وابنتهما إلا أن الإلهام الفعلي أقدم بكثير إذ يستند المسلسل الأرجنتيني إلى قصة مصورة نشرت بين عامي 1957 و1959 كتبها هيكتور جيرمان أوسترهيلد ورسمها فرانسيسكو سولانو لوبيز أعيد نشر هذه القصة المصورة عام 1969 وهذه المرة بمكون سياسي أقوى ومنذ ذلك الحين كانت هناك عدة محاولات لاقتباس القصة سينمائيا وتلفزيونيا لكن لم يكتب لها النجاح نجاح الاقتباس التلفزيوني في النهاية أمر جدير بالترحيب لكن المسلسل لا يقنع إلا جزئيا فالمؤثرات البصرية مثلا تؤدي عملها بتحويلها العاصمة الأرجنتينية إلى مشهد ثلجي قاتل يتناوبه شريط صوتي حافل بالكلاسيكيات الموسيقية في هذا الصدد المسافر الأزلي ذو أجواء رائعة وغامرة كما أن المشاهد اللاحقة عندما ينشأ تهديد ثان مثيرة للإعجاب أيضا ويزداد الأمر إبهارا نظرا إلى كونه إنتاجا أرجنتينيا لا تتوافر له ميزانية على مستوى عناوين أخرى أميركية بالأخص كما أن التمثيل مرض أيضا على الأقل في إطار ما يمليه السيناريو لكن القصة مختلفة فرغم براعة السيناريو وغرابته إلا أنه غالبا ما يتبع مسارا مألوفا وينطبق هذا على صراع البقاء نفسه وعلى الشخصيات فلا يوجد كثير مما يذكر فيه الحبكة مقتضبة نسبيا ما قد يزعج بعضهم من قلة أحداث المسلسل أحيانا إذا كنت تبحث عن أحداث حماسية فربما تكون قد وصلت إلى المكان الخطأ مع ذلك يثير المسافر الأزلي فضول المتفرج حول خلفية الأحداث وما سيحدث لاحقا إذ ينتهي الموسم الأول قبل العثور على الإجابات اللازمة سيلعن محبو القصة الأصلية العديد من الاستراتيجيات التي تبناها المخرج وكاتب السيناريو أما بالنسبة للبقية فالتأثير ينبع من هذا الدمج بين الخيالي والمألوف هذا التعايش بالتحديد مزيج العصور والاقتباسات والإشادات والمراجع مترجم أيضا في تطور القصة فيجب على عدد من الأصدقاء القدامى الذين يجتمعون كل ليلة جمعة في قبو للعب الورق وشرب الويسكي أن يواجهوا ويوحدوا قواهم مع شخصيات أخرى أصغر سنا ذات سمات خاصة مختلفة تماما لمواجهة عدو مجهول وهائل القوة في أحد مستويات القراءة يمثل غزو الكائنات الفضائية ومقاومة السكان استعارة نبوئية للانقلاب الفاشي الذي قاده المجلس العسكري الأرجنتيني في سبعينيات القرن الماضي ويرجع ذلك جزئيا إلى انضمام أوسترهيلد مثل بناته الأربع إلى الحركة السرية المسلحة ضد الدكتاتورية كأعضاء في حركة مونتونيروس نتيجة نشاطهم المقاوم اختطف الخمسة جميعا ويرجح أنهم تعرضوا للتعذيب والقتل أصبحت أرملة أوسترهيلد إلسا سانشيز من أشهر وجوه أمهات ميدان مايو اللواتي خرجن إلى الشوارع دعما لمن اختفوا خلال فترة الدكتاتورية المسلسل وفي تماما لروح القصة المصورة الأصلية من ناحية الجو العام والجماليات والمواقع وبعض مسارات السرد ولكنه مختلف تماما ومتباعد في جوانب أخرى على عكس الأصل لا تدور أحداث المسلسل في أوائل الستينيات بل في الوقت الحاضر ويظهر بوينس آيرس في خضم تظاهرات اجتماعية ومثل الرواية المصورة يركز المسلسل على الدراما الشخصية في مواجهة كارثة تهدد كل شيء إذ يقاتل الجميع بعضهم بعضا ولكنه أيضا يركز على ترسيخ التضامن في الأرجنتين تمثل شخصية المسافر الأزلي Eternauta بالإسبانية جزءا من الثقافة الشعبية كما أنها رمز يساري في عام 2010 استخدمت حتى في الحملة الانتخابية لنيستور كيرشنر شغل منصب الرئيس الخمسين لجمهورية الأرجنتين بين عامي 2003 و2007 الذي أطلق على نفسه اسم نستورناوتا على ملصق انتخابي ما أثار انتقادات حينها في مقدمة طبعة عام 1976 قبل أن يخفت نجم أوسترهيلد أشار إلى أن البطل الحقيقي لقصته بطل جماعي مجموعة من الناس وبالفعل رغم التغييرات الكبيرة على أصل الحكاية يبقى الموضوع الرئيسي الحاجة إلى سرد مغامرة في زوايا مألوفة للغاية وإحياء بطل جماعي في القرن الحادي والعشرين

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح