المروية التاريخية وانتهاك المدلسين

أناشد الجمعيات والاتحادات التاريخية المتخصصة على الصعيد الوطني والخليجي والعربي، ومن ورائها المؤسسات التاريخية الرسمية، لأن تقوم بعملها في توضيح الحقيقة التاريخية والرد على كل الافتراءات التي يتقوَّل بها المدعون والمتفذلكون بجهل، الراغبون في الظهور ونيل قسط من الشهرة، انطلاقا من مدلول المثل: «خالف تعرف».
على أن آخرين من ورائهم، هم أشد بأسا وأكثر سوءا، وما أراهم إلا مدسوسين بيننا، يتسمّون بأسمائنا، ويكتبون بلغتنا، ويتحدثون بلهجتنا، من أجل تمرير معلومات تحقق هدفين رئيسيين: ثانيهما، تمرير المعلومة التوراتية في ثنايا حديثهم باعتبارها المروية التاريخية الصحيحة، وجعلها منصة يتم الاعتماد عليها لفهم الواقع التاريخي؛ أما أولاهما، فيكمن في زعزعة وعينا بموروثنا التاريخي، والتشكيك بكل معارفنا القائمة، حتى لا تظل لنا منصة نستند عليها؛ وهو المراد عمله خدمة للمشروع الصهيوني الكبير.
ابتدأت الحكاية مع كتاب «التوراة جاءت من جزيرة العرب» الصادر عام 1985م لكمال الصليبي، الذي ادعى فيه مرجعية اليهود لجنوب غرب الجزيرة العربية، ابتداء من منطقة الباحة وحتى منطقة نجران في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، مبتدعا منهجا جديدا لا أساس له وهو التشابه اللفظي بين أسماء الأماكن الواردة في التوراة ومواضعها في المواقع الجغرافية التي نظر فيها، وهو منهج غير علمي، كما قام على اعتساف الألفاظ ليخلق منها حالة التشابه والتطابق التي يريد؛ وفي كل فقد انبرى باحثون للرد عليه، لكن أبحاثهم لم تلق اهتماما إعلاميا لغاية في نفس يعقوب.
ثم جاء كتاب أحمد داوود المسمى «العرب والساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود» الصادر عام 1991م ليؤسس لفكرة مرجعية بني إسرائيل العرقية للعرب، إذ هم أبناء يعقوب وأحفاد إبراهيم الجد الجامع لذرية إسحاق والذي منه إسماعيل. مع تمريره لفكرة أن بني إسرائيل الذين هم أبناء يعقوب غير اليهود، وأن يهود اليوم ليسوا من ذرية الأسباط بأي حال من الأحوال، وإنما هم منتمون للديانة فقط. والعجيب أنه تناسى بأن الديانة اليهودية مغلقة ويتم اعتناقها بالوراثة، وبالتالي فليست ديانة تبشيرية أسوة بالمسيحية والإسلام. وعليه فليس لتفريقه بين بني إسرائيل وذريتهم وجه مقبول
ارسال الخبر الى: