المؤتمر القومي قراءة نفسية في العدوان والعقل العربي
ما يجري في المنطقة اليوم ليس مُجَـرّدَ صراع سياسي أَو عسكري، بل صراعٌ نفسي وجماعي طويل الأمد.. العقل العربي، المثقل بالعجز والتجزئة، يواجِهُ إرثًا من الهزائم والانقسامات، في حين يواجهُ كَيانَ الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة أزماتٍ رمزيةً مرتبطة بماضٍ شعوري أَو دورِ القوة العالمية.
حين انعقد المؤتمر القومي العربي في بيروت عام 2025، وسطَ قصف إسرائيلي متقطع، بدا وكأنه لحظةُ وعي جماعي تكشفُ جِراحَ الأُمَّــة العربية وتواجهُ عُقَدَها المتراكمة.
هنا، لم يكن السؤال حول الشعارات الوطنية فقط، بل حول قدرة العرب على التحرُّر السياسي بعد التحرّر النفسي.
العدوان الإسرائيلي–الأمريكي يمكن تفسيره، جزئيًّا، كإسقاط للصِّراعات النفسية على الساحة السياسية:
كَيانُ الاحتلال -بحسب التحليل النفسي- يعملُ أحيانًا على تعويض شعور بالذنب التاريخي عبر ممارسة القوة، لكن الواقع السياسي يكشفُ أن هذه الأفعالَ متشابكةٌ مع مصالحَ استراتيجية وأمنية ملموسة، مثل السيطرة على الموارد والحفاظ على الأمن الداخلي.
الولايات المتحدة تواجهُ قلقَ التفوُّق الإمبراطوري، لكنها أَيْـضًا تتصرَّفُ وفقَ مصالحَ جيوسياسية واقتصادية واضحة، مثل حماية حلفائها وتأكيد النفوذ في المنطقة.
إذن، هناك تداخُلٌ بين دوافع نفسية ودوافع استراتيجية ملموسة.
الوعي العربي، من جهته، يحملُ إرثًا من العجز والانقسام، حَيثُ تحولت الهزائمُ التاريخية إلى صمت مبرَّر بالواقعية السياسية.
لكن عام 2025 شهد تحوُّلًا واضحًا: من الخضوع إلى المواجهة، ومن التبرير إلى الفعل.
على سبيل المثال، اليمن (صنعاء) برزت كنموذجٍ للكرامة المستمَدة من المقاومة، ليس فقط كردٍّ فعل على العدوان، بل كفعل استعادة للذات.
لبنان -بمقاومته التاريخية ومرونته الرمزية- قدَّمَ إطارًا لفَهم أن المقاومة ليست فقط ردًّا عسكريًّا، بل عملية نفسية جماعية لإعادة الاعتبار والكرامة.
انعقادُ المؤتمر في بيروت، وسط دوي الصواريخ، أتاح قراءةً جديدة: المقاومة والعروبة ليست شعاراتٍ قديمة، بل آليات لشفاء النفس الجماعية وإعادة بناء الثِّقة في المصير العربي المشترك.
المعركة الحقيقية ضد كَيان الاحتلال وأمريكا ليست فقط على الأرض، بل على معنى الهُوية والكرامة.
من هذا المنظور، يبدو أن الطريقَ نحوَ التحرّر العربي يتطلب توازنًا بين الوعي النفسي والسياسة الواقعية.
الوعي بالذات والكرامة -المدعوم
ارسال الخبر الى: