الليبراليون العرب

٤١ مشاهدة
بعض من يُطلق عليهم «الليبراليون العرب»، لا يستندون في «أيديولوجيتهم» لخلفية ثقافية أو مرجعية فلسفية محددة. حتى مواقفهم السياسية، لا تنتمي لأصوليّة مذهبية وأخلاقية رائدة. هُم، ينطلقون من قيمٍ تغريبية مزيفة، عديمة الصلة بخلفية العرب التاريخية والثقافية والروحية والسياسية، وليست نتاجاً لتجارب ولا نقل: لملاحم فاصلةٍ في التاريخ السياسي للعرب، أحدثتها تطورات اجتماعية.. أو اشتعال ثوراتٍ شعبية، أو حروبٍ تاريخية فاصلة.
لم يمر التاريخ المعاصر للعرب بتحولات جذرية عنيفة، نتجت عن مراجعات قِيَمِيَة عميقة، كتلك التي حدثت في أوروبا، منذ عصر النهضة استمرت لأربعة قرون (الرابع عشر - السابع عشر)، حتى قبل ذلك وقت ظهور إرهاصات العلمانية، في القرن الثالث عشر، نتجت عنها تحولات ثقافية وروحية.. وتطورات علمية وتكنولوجية.. وحراك فكري وفلسفي، ثوري مؤثر.
إذا ما تجاوزنا وزعمنا: أن هناك، بالفعل، تحولاً أو محاولةً لتحوّلٍ ثقافيٍ في المجتمعات العربية لبناءِ فكرٍ «ليبرالي»، فقد جاء متأخراً ومُقَلِداً وهامشياً ومزيفاً. محمد علي باشا والي مصر (١٨٠٥ - ١٨٤٩)، الذي يُطلق عليه رائد نهضة مصر الحديثة، وقبله حملة نابليون (١٧٨٩ – ١٨٠٢)، يمكن تاريخياً، اعتبار هذين الحدثين «تجاوزاً» تحولات مجتمعية وفكرية، في الثقافة العربية، من بينها ظهور إرهاصات المد الليبرالي.
عدا هذه الصلة التاريخية الضيقة والبعيدة والهامشية، لا يمكن تقصّي صلة حقيقية بين الليبرالية في أوروبا، وتلك التي ولدت متأخرةً ومشوهةً في المشرق العربي. في حقيقة الأمر: بعض «الليبراليين العرب» لا تعدو «ثقافتهم الليبرالية» سوى «نسخةٍ مُزَيَفَةٍ»، لليبرالية الغربية، دون مساهمةٍ فكريةٍ تكنولوجيةٍ وعلميةٍ إبداعية، لإحْدَاثِ تراكمٍ ثقافيٍ وعلميٍ وتكنولوجيٍ مبدع، كذلك الذي حدث في مجتمعاتٍ شرقيةٍ أخرى، روسيا واليابان، مثلاً.
حتى هذه المحاكاة «المسخ» المَُقَلِّدة «تزييفاً» لثقافةِ الغربِ الليبرالية، لم تكن تطال الجذورَ، بل اكتفت بالتقاطِ القشورِ الهشةِ العَفِنَةِ المتساقط، مركزةً على الطقوسِ والشعاراتِ، ولم تتعمقْ في المضمون. مثلاً: لم تمتثل «الليبرالية العربية» لأهمِ أسسِ شرعيةِ الفلسفةِ الليبرالية، بالذات في بعديها السياسي والمجتمعي، التي تُثمنُ الحريةَ الفردية.. وتقدسُ حقوقَ الإنسان، لبناءِ صروحٍ ديمقراطيةٍ كفوء وفاعلةٍ تَحُوْلُ دون سيادة أنظمة مستبدة. بل بالعكس:

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع عكاظ لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح