القواعد الأمريكية من حماية زائفة إلى منظومة احتلال
منذ أن مدت الولايات المتحدة أذرعها العسكرية خارج حدودها، تحولت الجغرافيا العالمية إلى رقعة نفوذ مرسومة على مقاس القواعد الأمريكية، التي نُصبت تحت شعارات الحماية بينما كانت في جوهرها مشاريع استعمار مموه، تُعيد رسم خرائط السيادة وتختزل قرار الدول في أروقة القيادة المركزية الأمريكية.
فكل قاعدة تُنشأ على أرض ليست لأمريكا هي بوابة لاختراق القرار الوطني، وكل علم أمريكي يرتفع فوق أرضٍ عربية هو علامة على انحسار السيادة وتمدّد الوصاية.
القواعد التي تذرّعت بها واشنطن لمكافحة الإرهاب أو حفظ الأمن ليست سوى مخالب مغروسة في الجغرافيا السياسية والاقتصادية للمنطقة، ومع كل طائرة أمريكية تُحلّق في سماءٍ ليست لها، تتقلص مساحة القرار المحلي حتى يتحول البلد المستضيف إلى تابعٍ إداريٍّ ضمن خريطة النفوذ الأمريكي.
وتُفتح مطارات الدول أمام الطيران الأمريكي أكثر من طيرانها الوطني، وتُدار ممراتها البحرية وأجواؤها بأجهزة لا يعرف رموزها إلا الضباط القادمين من وراء الأطلسي.
وفي العمق الاقتصادي، تحولت القواعد إلى صنابير مفتوحة لنهب الثروات، إذ تُنشأ دائمًا قرب حقول النفط والموانئ الحيوية لتأمين انسياب الذهب الأسود نحو المصانع الأمريكية، لا نحو خزائن الشعوب. وبينما تُسوّق واشنطن وجودها العسكري كـ“درع حماية”، تتضح الحقيقة: إنها منصات لصناعة الاضطراب وتفكيك الدول وإدامة الحروب، لا إخمادها.
مهام السيطرة: من النفط إلى القرار السياسي
الولايات المتحدة تتعامل مع المنطقة باعتبارها “بحيرة أمريكية مغلقة”، لا يُسمح لأي قوة بالاقتراب منها. قواعدها الممتدة من الخليج إلى البحر الأحمر ليست للدفاع، بل لإدامة الهيمنة وضمان بقاء المنطقة تحت سلطانها المباشر، تمامًا كما بشّرت “كونداليزا رايس” في خطاب “الفوضى الخلّاقة” عام 2006، حين أعلنت ولادة “شرقٍ أوسط جديد” يُعاد تشكيله بالنار وتحت الوصاية الأمريكية.
المهمة الأولى لتلك القواعد هي فرض السيطرة الكاملة على المعابر والممرات الاستراتيجية: قناة السويس، باب المندب، مضيق هرمز، والبحر الأحمر — شرايين العالم التجارية.
فحرية الملاحة، من وجهة النظر الأمريكية، حق حصري للغرب، بينما تُراقب حركة الشرق وتُقيّد،
ارسال الخبر الى: