القطاع الصحي الأوروبي في أزمة عنف واكتئاب وأفكار انتحارية
أظهرت دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية أن أكثر من 10% من الأطباء والممرضين في دول الاتحاد الأوروبي يعانون من أفكار انتحارية، فيما أفاد 32% منهم بأعراض اكتئاب. هذه الأرقام الصادمة تسلّط الضوء على أزمة الصحة النفسية في أوساط العاملين في الرعاية الصحية الأوروبية، الذين كانوا على الخطوط الأمامية خلال جائحة كوفيد-19، ولا يزالون يتحمّلون تبعات نظام صحي يُعاني من ضغط مزمن ونقص متصاعد في الموارد.
الدراسة التي صدرت الشهر الجاري، شملت أكثر من 90 ألف من العاملين في الصحة في 29 دولة أوروبية، بين أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وإبريل/ نيسان 2025، كشفت أن ثلث العاملين تعرضوا للعنف أو التحرش خلال العام الماضي، وأن ربعهم يعمل أكثر من 50 ساعة أسبوعياً، وهي ظروف تُشكل وصفةً مثاليةً لما يسمى لاحتراق النفسي والانهيار الذهني.
ورغم أن دولاً مثل الدنمارك سجّلت معدلات أقل نسبياً للاكتئاب بين الأطباء والممرضين (15%)، فإن الصورة تبدو قاتمة في دول أخرى مثل لاتفيا، حيث تصل نسبة المصابين بأعراض اكتئابية إلى 50% من الكوادر الصحية.
وراء هذه الأزمة النفسية، تكمُن أزمة بنيوية أعمق في أنظمة الصحة الأوروبية: نقص حاد في الكوادر، وتزايد الطلب، وموارد لا تكفي. فمع شيخوخة السكان وتزايد الأمراض المزمنة، تواجه المستشفيات عبئاً متنامياً من دون تعزيزات بشرية كافية. يُجبر هذا الواقع الأطباء والممرضين المتبقين على العمل ضمن ظروف مُجهدة للغاية، بأوقات دوام طويلة، وأحياناً في أقسام تُدار بعدد أقل بكثير من المطلوب.
في أقسام الطوارئ والطب النفسي خصوصاً، يتحدّث العاملون عن إرهاق جسدي ونفسي مزمن، وتعرض دائم للعنف من المرضى أو ذويهم، وسط شحّ في المعدات، وتأخّر في الدعم الحكومي، ما يجعل أداء المهام الأساسية أقرب إلى المعركة اليومية. وقد أدت هذه الضغوط إلى موجة استقالات مبكرة، وهجرة داخلية وخارجية للعاملين الصحيين نحو دول توفر بيئة عمل أفضل، مما يُعمّق الفجوة في الدول التي تعاني أصلاً من ضعف البنية الصحية.
الدعوة إلى خطة أوروبية شاملة
في ظل هذه المؤشرات الخطيرة، تتزايد الدعوات من النقابات الطبية
ارسال الخبر الى: