العناية بمايا المستشفى والمحكمة وانتحار الأم

٣٦ مشاهدة
لا يمتلك المخرج الأميركي هنري روزفلت سيرة ذاتية كبيرة وهذا الأمر يتناسب مع زمن عمله القصير في مجال الفن السابع مسيرة روزفلت بدأت بتقديمه دورا أقل من ثانوي في الفيلم الشهير الشبكة الاجتماعي The Social Network الصادر عام 2010 للمخرج ديفيد فينشر بدأ بعدها رحلة دراسة طويلة تنقل خلالها في معاهد فنية كثيرة في أميركا وأوروبا عام 2013 أسس شركة Native Boy Films وأخرج العديد من الأفلام القصيرة وعمل في مجموعة أفلام أخرى مصورا سينمائيا منذ بداية مسيرته الإخراجية بدأ توجه روزفلت يبدو أكثر وضوحا من حيث المواضيع التي يتناولها وعلى الرغم من التخبط الحاصل بسبب محلية مواضيعه فإنه استمر على النهج نفسه تمحورت أعماله القليلة حول الأسرة الأميركية بمعناها الحديث ومحاولتها الدائمة للبقاء متماسكة أمام مؤسسات الدولة لم يقلل من أهمية ماضي هذه الأسر والقصص الخيالية المتداولة بين أفرادها إذ يعتبرها روزفلت الناظم الرئيس للعلاقات بين أفرادها لم يجد روزفلت قصصا أهم وأكثر حساسية من قصص المستضعفين والطبقات الفقيرة المسحوقة في النظام الرأسمالي الحديدي في الولايات المتحدة أولئك الذين تطحنهم المؤسسة بقوانينها وبيروقراطيتها صدر له فيلم وثائقي عنوانه العناية بمايا Take Care of Maya على منصة نتفليكس بدأ العمل على الفيلم بعد أن قرأ مقالا صحافيا عن عائلة وقعت ابنتها بالأسر الطبي ولم تخرج منه إلا بعد أن شنقت الأم نفسها في قبو منزل الأسرة في تلك اللحظة حسب قول روزفلت أدرك أهمية هذه القصة لمشروعه الشخصي إذ إنها قصة تروي حال مجتمع عالق داخل مثلث مؤسساتي متجانس مكون من الخدمات الاجتماعية وأنظمة الرعاية الصحية والنظام القضائي من وجهة نظر عائلة كوالسكي فقط تبدأ القصة في الوثائقي وتستمر إلى النهاية يتحدث الأب جاك إطفائي سابق عن بداية علاقته بزوجته بياتا وطفليهما مايا وكايل بدأت قضية هذه الأسرة عام 2015 بعد أن شخصت الابنة مايا بمرض عصبي مزمن اسمه CRPS يسبب هذا المرض للطفلة ذات التسع سنوات ألما حارق في أطرافها لا يهدأ إلا باستخدام جرعات عالية من عقار مخدر هو الكيتامين الذي كان يستخدم في النوادي الليلية لأغراض ترفيهية في الثلث الأول من العمل يروي الأب الأحداث بتسلسل زمني دقيق يستشهد بمذكرات الأم ممرضة سابقة التي تابعت توثيق كل معلومة وكل حدث مرافق لها منذ لحظة تشخيص ابنتهما يدعم العرض بأرشيف سمعي وبصري كبير قد يكون مبالغا فيه في بعض المشاهد بينما يضرب إعصار ماثيو ولاية فلوريدا تنتكس مايا صحيا ويأخذها والداها إلى المستشفى حينها لم يعلم الأب أنه وقع في فخ البيروقراطية يتهمه المستشفى ومعه الخدمات الاجتماعية بمتلازمة مونشاوزن وهي إساءة الأهل للأطفال طبيا بسبب العناية المفرطة توضع الطفلة على أثر هذه التهمة تحت وصاية الولاية والجميع مذنب حتى تثبت براءته فتمنع الأسرة من التواصل مع الطفلة نهائيا بينما كانت المعركة القضائية في أشد جولاتها بعد 87 يوما من الأسر الطبي للطفلة تطلب الأم من القاضي أن ترى ابنتها لتحضنها لم يوافق القاضي عادت الأم المهزومة إلى المنزل كتبت على ورقة Take Care of Maya ووضعت لحياتها حدا يستمر العرض بعد عودة الطفلة إلى المنزل من احتجاز دام أكثر من ثلاثة أشهر نرى مايا وقد اشتد عودها تواصل العمل على قضيتها ضد المستشفى الذي احتجزها وتطالب بتعويضات عما تسبب لها ولأسرتها من ضرر نلاحظ أن علاقات الأفراد داخل أسرهم في تلك المجتمعات متماثلة حد التطابق مع علاقة الشركة بموظفيها فالبروتوكولات والعلاقات الداخلية توضع حيز التنفيذ حسب منطق سوق العمل وليس العاطفة حينها تتحول التربية من عملية اجتماعية عاطفية إلى عملية تحضير اقتصادية للطفل كي يصبح موظفا في شركة يمارس قوانينها وكأنها بديهيات كشكل حديث للعبودية يضاف أيضا قدرة شركات الأدوية والمستشفيات المال والسلطة على سن القوانين بما يتوافق ومصالحها فمنطق الربح البحت فقط هو من يقود النظام الطبي الأميركي حتى وكالة الرعاية الاجتماعية هي وكالة مخصخصة وانتشار هذه النوعية من الأفلام الدليل الأكبر على الخلل الاجتماعي الذي تسببه بالرغم من حساسية المخرج الفنية فإنه لم يستطع تقديم حجج موضوعية أو تحليل للبنية المؤسساتية الطبية واستمر العرض بمراكمة المشاعر لا أكثر وقد يعود هذا في جزء منه لانخراطه الشديد في عائلة مايا على مدار أربع سنوات لإنتاج الفيلم لكنه بالتأكيد حقق غرضه الإعلامي عبر التعريف بهذا المرض والكشف عن رثاثة القوانين في ولاية فلوريدا وغيرها من الولايات الأميركية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح