الصورولوجيا والكوزموبوليتانية

بقلم/ الدكتور حسن العاصي
لطالما كان هناك اهتمامٌ في الثقافة الغربية بـالشخصيات الوطنية national characters. وكان هذا الاهتمام، في معظمه، جوهريًا، انطلاقًا من الاعتقاد بوجود ما يُسمى، موضوعيًا، بـالأمم، وأنها منفصلة ومتميزة عن بعضها البعض، وأن كلًا منها يتميز بطابعه الخاص، وأن هذه الشخصية يمكن تحليلها من خلال النشاط الثقافي لتلك الأمة “nation’s”.
وخلال القرن العشرين، ترسخت مقاربةٌ نقديةٌ أكثر. ففي مجال الأدب المقارن تحديدًا، أصبح يُدرس الاختلاف الثقافي من حيث المواقف والتصورات لا من حيث الجوهر. ويُنظر إلى الجنسية والثقافات الوطنية national cultures الآن على أنها أنماطٌ للتعريف لا من حيث الهويات. لا شك أن هذه التصورات والتعريفات تؤثر تأثيرًا عميقًا على الممارسات الثقافية والاجتماعية، ولكن إذا أردنا تحليلها بروحٍ نقدية، فيجب اعتبارها مفاهيم ذاتية لا من حيث الجوهر الموضوعي.
نشأ التخصص في الأدب المقارن، الذي يدرس العلاقات بين الثقافات من حيث التصورات المتبادلة والصور والتصورات الذاتية، في فرنسا، حيث تبلورت منهجيته في خمسينيات القرن الماضي تحت اسم علم الصورة imagologie. وبينما قوبل هذا التخصص برفض من جانب نقاد الأدب ذوي التوجه الجمالي، لا سيما في الولايات المتحدة، إلا أنه حافظ على قاعدة راسخة من الأتباع في أوروبا، ولا سيما في ألمانيا (حيث اعتُبرت الدراسة النقدية للهوية الوطنية وتفكيك القومية مهمةً فرضتها أخطاء الماضي القريب). وقد لعب المقارن البلجيكي هوغو دايسيرينك Hugo Dyserinck الذي عمل في جامعة خن university of Aachen دورًا رائدًا في هذا المجال.
وحظي علم الصورة Imagology بدفعة إضافية من خلال بدء علماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس الاجتماعي، في تلك العقود نفسها، في انتقاد إرثهم العرقي والجوهري. فعلى سبيل المثال، قدمت مجلة علم نفس الشعوب psychologie des peuples تحليلات نقدية مثيرة للاهتمام للهوية الوطنية كصور ذاتية جماعية.
برزت دراسات الصورة في السنوات الأخيرة مع عودة ظهور القومية، وبشكل أعم، سياسات الهوية identity politics وفي ظل مناخ أكثر انفتاحاً على دراسة الطبيعة المُشكَّلة خطابياً للعديد من القيم الاجتماعية والثقافية.
هناك سلسلتان أكاديميتان مُخصصتان لعلم الصور: Studia Imagologica دراسة
ارسال الخبر الى: