السياسة عبر الفن أيام سودانية ضد نسيان الكارثة
لا يحاول مفهوم السياسة عبر الفن تزيينها بلمسة جمالية، إنما يعيد النظر في جوهر الاثنين معاً. فالسياسة، كما خبرناها في واقعنا العربي والأفريقي، كثيراً ما تتجسد في سلطة القهر والإقصاء، بينما الفن في لحظاته الأصيلة يفكك هذه السلطة عبر أدواته الرمزية. وحين تذكر المأساة الإنسانية في السودان تلحق غالباً بصفة المنسية، وهذا ما دفع جامعة جورجتاون في الدوحة عند افتتاحها، مساء أول من أمس الخميس، موسم مؤتمرات وحوارات أن تصدر تذكيراً عاجلاً: شاهد السودان الآن.
في مواجهة الحلول السياسية المتعثرة، قدمت الجامعة نهجاً بديلاً، وهو إنشاء تجمع تاريخي للمبدعين السودانيين للفت الانتباه إلى المأساة من خلال وسائل أُخرى تنضوي كلّها تحت مؤتمر رؤية السودان: السياسة عبر الفن، الذي يستمر بشكل رئيسي في فندق فورسيزون لثلاثة أيام تُختتم اليوم السبت.
فحين تخفق السياسة في أداء وظائفها الأساسية، ينهض الفن بوصفه فضاء أخلاقياً ومعرفياً يعيد للكارثة حضورها في الوعي. وهذا ما أرادت جامعة جورجتاون أن تفتتح به موسمها الأكاديمي لعلها تسهم في تحويل الجرح السوداني من مادة منسية في نشرات الأخبار إلى أفق تأملي يعاد فيه تعريف الثقافة كقوة مواجهة.
يقترح تصوراً جديداً للفاعلية الثقافية في زمن الحرب
منذ اللحظة الأولى، بدا أن المؤتمر ينحت نظرية ضمنية عن الدبلوماسية الثقافية فحين اعتلت المنصة الأكاديمية السودانية وأستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة جورجتاون رقيّة أبو شرف، استدعت في كلمتها ذاكرة وطن يعيش منذ عقود على حافة الإبادة الرمزية والمادية. بمسيرتها الطويلة في دراسة المجتمع السوداني، وقراءتها النقدية لعلاقة السياسة بالهوية، جعلت من خطابها إدانة فكرية للعنف الذي لا يكتفي بإزهاق الأرواح، بل يجرد الناس من إمكاناتهم الطبيعية للعيش.
وفي الجلسة الرئيسية التي أدارها عميد الجامعة صفوان المصري تحدّثت أربعة من الأسماء السودانية البارزة في مجالات إبداعية مختلفة. الإعلامية البريطانية سودانية الأصل زينب بدوي (1959)، التي عُرفت لعقود عبر شاشة بي بي سي وكرست مسيرتها للتاريخ والسياسة والفكر، والتي تشغل أيضاً رئاسة مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، أرّخت للأزمة ولم تكتف بذلك، إنما استحضرت صورة السودان
ارسال الخبر الى: