السودان فشل في قارة فاشلة
(1)
يقولون في المثل، إذا اختلـفَ اللصَّان ظهـر المسروق. فهل يصدُق المثل على السودان؟ ذلك حال السرقة البنيوية التي وقعت كالصاعقة على السودان، ومن تداعياتها هذا الخراب الماثل الذي طاول السودان، أحد أوائل البلدان التي تخلّصت من ظاهرة الاستعمار الكولونيالي، ثمّ توالى تردّيه في السقوط في حوالق الفشل، مرحلة بعد مرحلة. قد يتعجّب الرائي لتاريخ السودان المستقلّ، لو أدرك كم كانت لذلك البلد أدوار في السنوات الوسيطة للقرن العشرين.
انبرى السُّودان، بحكم نيله استقلاله وتخلصهِ من ربقة الاستعمار عام 1956، في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية منافحاً، يدافع عن حقِّ تقرير المصير لكثير من شعوب البلدان الأفريقية وسط القارّة وجنوب صحرائها. كان للسُّودان صوتٌ جهيرٌ ضمن أصوات أخرى، في المنظمة الدولية أوائل ستينيّات القرن العشرين. كان صوتاً منافحاً في الدفاع عن حقوق تلك الشعوب المستعمرة في نيل حرياتها.
حفظ التاريخ للسودان دفاعه عن الكونغو أيام قتلوا لوممبا، وعن نضال الجزائر بأكثر مما فعلت أيّ دولة أخرى
(2)
حفظ التاريخ للسودان دفاعه عن الكونغو أيام قتلوا زعيمها لوممبا، مثلما دافع عن نضال الجزائر بأكثر ممّا فعلت أيّ دولة عربية أو أفريقية أخرى. لقد تبنَّتْ وزارة المجاهدين في الجزائر سِفراً يوثّق ذلك الدعم، وصدر هذا العام (2025) في الجزائر. وإبّان قيادة السودان الدبلوماسية الأفريقية في المحفل الدولي ما بين أواخر خمسينيّات القرن العشرين وأوائل ستينيّاته، بلغ عدد البلدان التي نالت استقلالها 15 بلداً أفريقيا في 1961، أخذت جميعها عضويةً كاملة في الأمم المتحدة. ليت ذاكرة الاتحاد الأفريقي تستعيد ذلك وهي تعلّق عضوية السودان في أنشطتها. ولها أن تتذكَّر كيفَ كان للسودان سَـهمٌ في تعزيز استقلال بلدان القارّة، وفي إنشاء منظمتها الإقليمية عام 1963. وقتذاك، كان السودان فد ساهم بدبلوماسيته في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية السابقة وفي صياغة ميثاقها، وتحوَّل اسمها في عام 2002 إلى الاتحاد الأفريقي، مثلما ساهم بقدرٍ ملموسٍ ومعتبر في دعم حركات التحرّر الأفريقية في البلدان التي لم تنل حريتها واستقلالها، فتحقَّـق لها ذلك في سنوات السبعينيّات من القرن
ارسال الخبر الى: