الرواية والشيخوخة البطل العجوز وحكمة البطء
بينما تتصدر روايات أدب الجريمة والفانتازيا والرعب قوائم المبيعات عالمياً، بفضل ما تمنحه من تشويق وحبكات تناسب نمط الحياة السريع الذي نحياه اليوم، تأتي رواية حين تحلق طيور الكركي جنوباً (فينتاج، 2025)، لتعيد شيئاً من الاعتبار إلى البطء والتأمل، ضمن حكاية جريئة تتحدى المواضيع السائدة عبر تناولها موضوع الشيخوخة.
حصلت الرواية لمؤلفتها السويدية ليزا ريدزن، على جائزة ووتر ستونز في بريطانيا وأيرلندا بعد ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية هذا العام، والاستعداد لنقلها إلى ثلاثين لغة أخرى، بعد النجاح الذي حققته في دول أوروبية عدّة، ما أتاح المجال للتساؤل حول الشيخوخة وجاذبيتها الأدبية، والأسباب التي جعلتها موضوعاً مفضلاً لدى القراء، على حساب أصناف روائية منتشرة.
إنسان يتذكّر
يقول أنطون تشيخوف إنّ أولى علامات الشيخوخة أن تتحول من إنسانٍ يحلم إلى إنسانٍ يتذكّر، في إشارة إلى التحوّل من تطلعات المستقبل إلى ذكريات الماضي بعد التقدم في العمر، وهو أمر قد لا يفضله كثيرون في حياتنا اليوم، بل إن فكرة موت المرء وهو في صحة جيّدة، أو قبل أن تطاوله الشيخوخة، تتردد في عصر بالكاد يمكننا خلاله مواكبة الحياة وسرعتها، هذه الأفكار وغيرها، لم تستوقف الكاتب الروسي وحده، بل شغلت العديد من الكتاب عبر الثقافات، ففي روايتها، تطرح ليزا ريدزن أسئلة فلسفية حول معنى العمر ومعضلات الزمن والذاكرة والعزلة، من خلال رجل عجوز يعيش في أقصى شمال السويد، مُحاطاً بالغابات والبحيرات والمروج التي تعد بيئة صعبة لكبار السِّن.
تطرح ليزا ريدزن أسئلة فلسفية حول معنى العمر والذاكرة والعزلة
يعيش بطل الرواية حياة غير معتادة، إذ يزوره مقدمو الرعاية ثلاث مرات في اليوم، ما يجعل أيامه مليئة بالقلق، خصوصاً بعد غياب زوجته التي نُقلت إلى دار لرعاية مرضى الخرَف، إضافة إلى صديقه الوحيد، الذي يحتاج إلى اهتمام كبير بسبب تدهور صحته، ما يجعله يعيش الفقدان وهو ما زال على قيد الحياة، ليلجأ إلى ماضيه وسيلةً للدفاع عن نفسه ضد التغيّرات التي فرضها عليه الزمن.
في المقابل، يُظهر تمسكه بمشاعر المحبة عبر كلبه، الذي يهدّد ابنه
ارسال الخبر الى: