لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل على قطاع غزة منذ 227 يوما بتدمير 70 في المائة من منازل وأبنية المواطنين والمنشآت المدنية والبنية التحتية بل وازى ذلك باستهداف الذاكرة الفلسطينية من خلال تدمير الرموز البارزة والملامح العامة للحياة في محاولة لتغيير معالم المدينة ولا يمر يوم من أيام الحرب التي اندلعت شرارتها في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي إلا ويستهدف جيش الاحتلال المعالم الأساسية في قطاع غزة من شماله حتى جنوبه وإلى جانب استهداف المنشآت الخدماتية والمعالم الأثرية والتاريخية والتراثية في قطاع غزة فقد دمرت آلة الحرب الإسرائيلية برا وجوا وبحرا أبرز الرموز في قطاع غزة التي تشكل جزءا أساسيا من الذاكرة الفلسطينية بالنسبة للغزيين وفي مقدمتها الميادين العامة والمساجد والكنائس والبلديات والمحال التجارية وأيضا الأبراج صاحبة اللمسات المعمارية والهندسية الفريدة إلى جانب تدمير كل ما يدل على وجود حضارة أو تاريخ في المدينة الذاكرة الفلسطينية وملامح المدينة يسعى الاحتلال إلى تغيير ملامح المدينة وترجمة التهديدات الإسرائيلية بإرجاع القطاع 50 عاما إلى الوراء عبر استهداف أشكال الحياة فيه وإزالة معالم الحداثة وتحويلها إلى مدينة أشباح لا يعرف معالمها حتى سكانها الأصليين لحظة رجوعهم إلى مناطقهم المدمرة ويقول الفلسطيني هشام أبو شعبان الذي وصل إليه فيديو لمنطقة الرمال التي كان يسكنها قبل نزوحه إلى مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين إنه لم يتمكن من تحديد مكان بيته بفعل التدمير الشديد للبيوت وما يحيط بها من معالم يشير أبو شعبان في حديث إلى العربي الجديد إلى أن منطقة الرمال كانت من أجمل مناطق المدينة تتوسطها حديقة الجندي المجهول التي لطالما تسابق المصورون على التقاط الصور لها لكنها باتت ركاما بعد تدمير الاحتلال معالمها كذلك تجريف المفترقات العامة بدوره يقول أستاذ التاريخ أحمد عبد الرازق لـالعربي الجديد إن الاحتلال يسعى من خلال تدمير المباني المهمة والميادين إلى استهداف الذاكرة الفلسطينية وتغيير معالم المناطق التي اعتاد عليها الناس عبر نسف كل ما يربطهم بها ومحو كل ذكرياتهم فيها ويلفت عبد الرازق إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمر ثلاث كنائس و604 مساجد إلى جانب تضرر 200 مسجد جزئيا كذلك فإن الطائرات الحربية استهدفت 60 مقبرة في مختلف محافظات القطاع يضيف لم تسلم المرافق الخدماتية أو التجارية من القصف إذ دمر الاحتلال المديريات التابعة للوزارات ومقار البلديات ومراكز الآثار والمخطوطات والأرشيف المركزي إلى جانب تدمير الأسواق الشعبية ومنها سوق الشجاعية المركزي وسوق فراس وسوق اليرموك والمولات الكبيرة ويلفت عبد الرازق إلى أن الممتلكات الخاصة بهوية وذاكرة الشعوب محمية وفق القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية داعيا المؤسسات الدولية ذات الصلة إلى حماية الأماكن العامة تدمير وجه المدينة من جانبه يوضح المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا أنه منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة دمرت أحياء سكنية كبيرة وأيضا الشوارع والميادين والمعالم البارزة بدءا من المعالم الأثرية والتاريخية مرورا بالمعالم السياحية والدينية فيما قام بتحويل معظم الشوارع المعبدة إلى شوارع ترابية ويلفت مهنا لـالعربي الجديد إلى أن التدمير لا يزال متواصلا حتى اللحظة ويتضاعف يوما بعد الآخر وقد أثر بوضوح على ملامح المدينة بينما أصبح السكان يجهلون مناطق سكنهم جراء شدة القصف وحجم الدمار الكبير وتهدف الجرائم الإسرائيلية وفق توصيف مهنا إلى طمس الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في قطاع غزة وإعادة فرض السيطرة الإسرائيلية على مناطق واسعة خاصة في ظل تزامن استهداف المعالم البارزة مع استهداف كافة المنشآت الخدماتية والمؤسسات المجتمعية والمساجد والمدارس والجامعات والمعاهد والمرافق التعليمية