الخلل الفاضح في العلاقات الأميركية الإسرائيلية

140 مشاهدة
في الثامن من يونيو حزيران 1967 وخلال العدوان الإسرائيلي على كل من مصر وسورية والأردن تعرضت سفينة التجسس الأميركية العسكرية يو أس أس ليبرتي لهجوم في المياه الدولية قبالة شبه جزيرة سيناء المصرية من عدة مقاتلات نفاثة وثلاثة زوارق حربية كانت النتيجة مقتل 34 وجرح 171 من طاقم السفينة التي لحقت بها أضرار جسيمة لم يطل المقام حتى اتضح أن إسرائيل هي التي شنت الهجوم والتي زعمت أنها أخطأت في تحديد هويتها متوهمة أنها سفينة حربية مصرية ومع أن التحقيقات الأميركية القائمة على اعتراض الاتصالات الإسرائيلية يوم الهجوم على ليبرتي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك حسب الوثائق الحكومية الأميركية التي رفعت عنها السرية قبل سنوات أن جهة ما على الأقل في الحكومة الإسرائيلية كانت تعلم بحقيقة هوية السفينة إلا أن إدارة الرئيس ليندون جونسون اختارت طي الملف على أساس أن الهجوم خطأ مأساوي وقع في ظروف غامضة وغير مفهومة تلك الواقعة غيض من فيض في سيرورة التواطؤ والضعف الأميركي المتجدد أمام الدولة العبرية حتى ولو كان ثمن ذلك أرواح جنود أميركيين وليس فقط مواطنين أميركيين كما في حالات راشيل كوري وعمر أسعد وشيرين أبو عاقلة ليس هذا فحسب بل إن اللوبي الصهيوني حينها كما تؤكد الوثائق نفسها كان يمارس ابتزازا لجونسون إلى درجة تهديده في أعقاب تصريح للناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية في 5 يونيو حزيران 1967 بأن موقف الولايات المتحدة محايد بالقول والفعل في حرب 1967 فما كان من هذا اللوبي إلا أن هدد بأن تتحول مظاهرات اليهود المزمعة حينها في الثامن من الشهر نفسه أمام البيت الأبيض بهدف دعم إسرائيل إلى مظاهرة ضد جونسون المفارقة أن جونسون وأركان إدارته سارعوا إلى استرضاء اللوبي الصهيوني واليهود الأميركيين المؤيدين لإسرائيل في اليوم الذي كانت الولايات المتحدة تعلن فيه الحداد على قتلاها وجرحاها من الجنود الأميركيين الذين فتكت بهم إسرائيل عامدة على متن سفينة ليبرتي عبثا تحاول إدارة جو بايدن إقناع إسرائيل بأن تقلل الأعداد المهولة لضحايا عدوانها بين المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة عبر لجم قصفها العشوائي مثال آخر على التقهقر الأميركي المهين أمام إسرائيل يعود إلى شهر يوليو تموز 2009 حينها لم يكن قد مضى على تسلم باراك أوباما الرئاسة إلا سبعة أشهر وكان واضحا توتر العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية مقاربتيهما المختلفتين لمسار التسوية مع الجانب الفلسطيني التي كان يؤيدها أوباما ويعارضها نتنياهو وفي مسعى لتجنب أي خلافات بين واشنطن وتل أبيب طلب زعماء منظمات يهودية صهيونية أميركية اجتماعا مع أوباما وهو ما تم في البيت الأبيض خلال اللقاء خاطب أحد الحضور أوباما إذا كنت تريد من إسرائيل أن تأخذ قرارات صعبة فمن حق قادتها أن يعرفوا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبهم كان رد أوباما انظروا إلى السنوات الثماني الماضية خلال تلك السنوات الثماني لم تكن هناك مسافة بيننا وبين إسرائيل ماذا جنينا من ذلك عندما لا يكون هناك فارق بيننا واشنطن وتل أبيب لا تفعل إسرائيل شيئا يقصد على صعيد مسار التسوية وهذا يؤدي إلى تآكل مصداقيتنا لدى الدول العربية ما أن تسرب تصريح أوباما هذا حتى ثارت عاصفة في واشنطن ضده وخرج أركان إدارته الواحد تلو الآخر يوضحون ما عناه الرئيس ويؤكدون أنه لا توجد مسافة في الموقف بين البلدين بقية القصة معروفة إذ لم يترك نتنياهو طريقة لإهانة أوباما إلا وسلكها رغم أن أوباما هو الذي رفع حجم المساعدات العسكرية السنوية الأميركية لإسرائيل من 3 1 مليارات دولار إلى 3 8 مليارات دولار غير أن ذلك لم يشفع له معلوم أن إسرائيل منذ قيامها دولة ركنت إلى الدعم الأميركي بدرجة أولى وهي ما كان لها أن تستمر لولا وجود الظهير الأميركي وهي عاجزة عن البقاء من دون الترياق الأميركي ويكفي أن ندلل هنا كيف أن الإسناد الأميركي المطلق وغير المحدود هو الذي أعاد لإسرائيل توازنها بعد عملية طوفان الأقصى المفاجئة في 7 أكتوبر تشرين الأول لولا إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى المنطقة لمنع توسع الصراع إقليميا لكانت إسرائيل تواجه اليوم تحديات من نوع آخر أكبر وأخطر إن لم تكن وجودية ولولا الجسران الجوي والبحري العسكريان اللذان دشنتهما واشنطن لكانت ذخائر إسرائيل القاتلة التي ترتكب بها الفظائع في قطاع غزة قد نفدت ولولا الحصانة الأميركية في مجلس الأمن لوجدت إسرائيل نفسها أمام محاكم جرائم الحرب الدولية لكن واشنطن المتواطئة لا تسمح بأي من ذلك مع أن تل أبيب لا تفوت فرصة لإهانتها وإهانة رئيسها وهو ديدنها منذ 75 عاما إنها العلاقة المختلة منذ عقود والتي سمحت للوكيل المحتاج أن يتنمر على موكله وولي نعمته من حق إسرائيل ألا تبالي بما تريده الولايات المتحدة منها ذلك أنها تعلم أنه ليس من خيار أمامها إلا الوقوف معها اليوم عبثا تحاول إدارة جو بايدن إقناع إسرائيل بأن تقلل الأعداد المهولة لضحايا عدوانها بين المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة عبر لجم قصفها العشوائي تحثها على تجنب إحداث دمار هائل في جنوب القطاع على غرار ما فعلته في شماله تناشدها أن تسمح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة وتتذلل إليها للقبول بـهدن إنسانية مؤقتة تسوغ الإدارة الأميركية مطالبها تلك بأنها لتعزيز قدرتها للدفاع عن إسرائيل أمام المجتمع الدولي الذي بدأ صبره ينفد أمام وحشيتها الفظيعة ولم يعد يخف تذمره من مواقف واشنطن ومع ذلك تستمر تل أبيب في صم آذانها في الحقيقة من حق إسرائيل أن لا تبالي بما تريده الولايات المتحدة منها ذلك أنها تعلم أنه ليس من خيار أمامها إلا الوقوف معها مثلا في الوقت الذي تضع واشنطن هذه المطالب أمام الحكومة الإسرائيلية وتصعد من حين إلى حين حدة النبرة معها وتلمح إلى خطوط حمر لا ينبغي أن تتجاوزها في عدوانها نجدها مستمرة في تقديم الدعم العسكري والديبلوماسي غير المحدود ومن ثم كيف يعقل أن تطالب إدارة بايدن حكومة نتنياهو بتقليل الخسائر بين المدنيين الفلسطينيين وتجنب تدمير جنوب القطاع في الوقت الذي تسعى فيه إلى أن تمنحها 14 مليار دولار أغلبها مساعدات عسكرية دع عنك ما تقدمه لها من أخطر أنواع الأسلحة والقذائف والصواريخ المدمرة والقنابل الكبيرة كي تستمر في عدوانها تفسير ذلك بسيط وله ثلاثة أوجه الأول أن أميركا شريكة في جرائم إسرائيل منذ نشأتها وليست متواطئة فيها فحسب الثاني أن المناكفات السياسية الداخلية الأميركية والابتزاز الذي يمارسه الحزبان الديمقراطي والجمهوري بحق بعضهما بعضا فضلا عن اللوبي الصهيوني كثيرا ما تمكن إسرائيل من التمرد على أميركا وحتى المس بمصالحها الكبرى الثالث ثمة من الساسة الأميركيين من يملكون شغفا شخصيا حقيقيا بإسرائيل ومنهم بايدن نفسه ما سبق لا يعني أن الولايات المتحدة ليست قادرة على ضبط إسرائيل وكبح جماح عنفوانها إن أرادت لكن ذلك يتطلب توافق مؤسسات الدولة على مصلحة حيوية أميركية كما يتطلب إرادة سياسية صلبة من الإدارة ورئيسها ولكن حتى يتحقق ذلك تكون إسرائيل قد عاثت في الأرض فسادا

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح