الخلافة والولاية نظريتا التخانق المزمن إرث التيه السياسي

يمنات
عامر الكريمي
منذ القدم، وفي عالمٍ يجتهدُ ويبحثُ فيه البشر عن “عقدٍ اجتماعيٍّ عادل”، ظلّت أمتنا تتوارث عقدين غامضين، لم يأمر بهما إله، ولم ينزل بهما مَلَك، ولم ينعقد على أيٍّ منهما إجماع.
هذان العقدان لم يكونا سوى نتيجة لاختلاف رفاق السيوف في قبيلة قريش العظمى — من بني أمية وبني هاشم — على السلطة.
وللأسف ، كلا العقدين أو النظريتين نظرتا إلى السلطة مثل أرض مهجورة لا يُعرف مالكها، وبدأ كل طرف يحشد أهل الفزعات من الفقهاء والمحدّثين والمبصرين؛ ليُبصروا لهم “بصائر” في التملك والبسط على الحكم، استعدادًا لشريعة طويلة الأمد: ابتدائية، واستئناف، وعليا، ثم العودة من جديد.
أما بقية الفصائل القرشية الصغيرة، وبعض القبائل العربية، فلم يكن لديها مشروع سياسي واضح رغم تمسكها بشعار الإسلام؛ كانوا حائرين، مطننين، يشبهون حال بعض “اليساريين” و”الاشتراكيين” اليوم: يرفعون شعارات قومية تقدمية ضخمة، ثم ينخرطون دون وعي — أو بسوء تدبير — في مشاريع لا تمت للقومية بأي صلة.
مرّت أيام، وسنين، وعقود…
وظلّت النظرية السياسية حبيسة الجمود الفكري الذي ترعاه “الهيئة الإعلامية والفكرية القرشية” بشقيها: السني والشيعي.
وتم فرض الأمر الواقع بحكم “التغلُّب” يقابلها “الخروج على المتغلب”، “قلبة بقلبة” في حلقة مفرغة، ومشهد دمووي مكرر لا نهاية له ..
وطُزّ في دروس التاريخ، وطُزّ في آلاف السنين من الفشل، والتيه، والدماء… وأهلًا بمثلها، وأكثر، حتى قيام الساعة!
في نفس الحقبة الزمنية التي تأسست فيها نظريات “التخانق المزمن”، تصارعت بقية شعوب الأرض،نعم ، وتحاورت، واتفقت ، وناقشت، وتعلّمت، وطوّرت نظريات في الحكم، وغيّرت، وجرّبت، وصاغت دساتير، وأقامت حضارات، وأسسّت اتحادات، وتحالفات، وولايات متحدة!
في الفترة التالية للخلاف، برز نخبة فقهاء، أو ما يشبه لجنة دستورية بعضوية الرفاق : الشافعي، وأحمد، وزيد، وأبو حنيفة، وغيرهم .. تولت تعميد وتعميق ذلك الصراع ، رأينا ثماره ماثلة للعيان: استغرارٌ مشهود، ونهضة لا تُضاهى، فضلًا عن التووقدم، والتووطور، ورفاهيةٍ فائضة، وثورة علمية وفكرية وصناعية… لا يعرفها سوانا!
وجرّ يا أبي… جُرّ!
ارسال الخبر الى: