سام برس الجزيرة والعربية والحدث رحلة هبوط إلى القاع

بقلم/ محمود كامل الكومي
لم تكن فضائيات العربية والجزيرة والحدث يومًا منصّات بحث عن الحقيقة ، بقدر ما كانت أدواتٍ لإشعال الحرائق في الجسد العربي. فمن ليبيا إلى سورية ، ومن مصر إلى تونس ، لعبت دور البنزين الذي يُسكب على النار، تُحرّض، تُهوّل ، وتعيد تشكيل المشهد بما يخدم العدو لا المتلقي.
كانت أول من فرّط في دماء الشهداء، وأول من مهد للتطبيع وتبييض صورة الاحتلال، وقدّمت نفسها — عبر ديماجوجيةٍ مموّلة — كواجهةٍ إعلامية تدار بخيوط غير مرئية من وراء المحيط.
ولم يسلم من حملاتهم القذرة حتى الزعيم جمال عبد الناصر؛ فقد نُسجت حوله الأكاذيب ، وشُوّهت مواقفه ، وضخت ضده روايات مفبركة عبر ذات المنابر التي احترفت ضرب الرموز الوطنية واغتيال الشخصية لصالح مشاريع إقليمية ودولية.
غير أن السقوط الأخير لم يعد مجرد انحياز سياسي أو تزييف مهني، بل تحوّل إلى قاعٍ أخلاقي غير مسبوق. إذ اندفعت هذه الفضائيات إلى فبركة قصص وحبك روايات رخيصة تتعلق بالرئيس بشار الأسد والراحلة لونا الشبل، في محاولةٍ يائسة للنيل من رموز لم تخضع لمشاريع التفكيك.
لقد طفح الماخور الإعلامي بكل ما فيه:
أكاذيب مصنوعة، انحطاط مهني، رذيلة معلنة، وغياب كامل لأي معيار من معايير العمل الصحفي. فالذي فقد الأخلاق لا يمنحها، ومن باع المهنية لا يقدم إلا نفايات الخبر المسموم.
ومهما تعددت محاولات التشويه ، ستبقى لونا الشبل في رحيلها رمزا لموقف ، ويبقى صمود بشار الأسد أمام محاولات التفكيك والخنوع للاعتراف بأسرائيل حقيقة وواقع ينهار أمام ماكينةٍ تتغذى على التحريض والتزوير. فالحقيقة ثابتة ، ولو علا فوقها ضجيج المضللين.
إن ما نشهده ليس معركة إعلام فحسب ، بل معركة وعي عربي مستهدف.
وبين منابر الفتنة التي تهوي كل يوم إلى مستنقع اللاشرف، وبين القيم التي نتمسك بها رغم العتمة، يظلّ الأمل قائمًا في أن ينتصر صوت الحقيقة على ضجيج التضليل، مهما طال الطريق.
*كاتب ومحامي مصري
ارسال الخبر الى: