سورية الجديدة 1 جوفيات حرب وأصابع إسرائيلية هامشية في السويداء
عند مطلع دارة القنوات، مقرّ الرئيس الروحي لطائفة الموحّدين الدروز حكمت الهجري في جبل العرب، يتقدّم رتلٌ من الأهالي بأزياء مختلطة، بعضها عسكريٌّ. يغرسون في خواصرهم ساريات أعلام بألوان خمسة، ويخبطون الأرض مردّدين هولا هالي السويدا والربع سلطان، يقحمون الموت دايماً ما يهابوا المنيّة. يدخلون رهطًا تلو رهط ساحة الدارة قبل أن يشكّلوا دائرة. يتقدّم أحدهم إلى الوسط ويبدأ القفز والدبك بالعلم، يلحق به آخَرٌ فتعلوا الأهازيج أكثر وتختلط الأنفاس مع الكلمات وكأنّها جندٌ في معركة. يتسابق الرجلان في الخبط والدبك، فتدبّ الحماسة في الحشد. تلك الجوفيّة، كما يسمّيها الأهالي، التي تُسيَّر عادةً في أوقات الحرب، كانت آتية إلى حكمت الهجري داعمةً ومبايعةً، يستقبلها الشيخ عند باب مضافته، قبل أن يودّعها بعد وقت قصير استعدادًا لرتل لاحق.
أثناء مغادرة الوفد، يتقدّم نحونا رجلٌ بثياب عسكريّة معلنًا أنّهم فصيل شباب شهلا، جاؤوا لإعلان الدعم للشيخ ووضع أنفسهم تحت تصرّفه. على الرغم من الوفود الشعبية، فإنّ شيخ العقل حكمت الهجري الذي يعدّ أعلى مرجعية روحية للطائفة، كان رافضًا الحديث إلى الإعلام خصوصًا بعد التسريبات من داخل أحد مجالسه، التي بيّنت موقفًا حادًا من دمشق. مع هذا استقبلَنا، وأكّد على أنّ الاتصالات مع الإدارة السورية الجديدة لم تنقطع، عبر محافظ السويداء مصطفى بكّور، لكن الحكومة متعنّتة. اكتفى بهذا، قبل أن يضيف: منتظرون الآن، ونحن نستعدّ لسيناريوهات عدّة، وماذا تنتظر يا شيخنا التطوّرات الدولية؟، وأيّ سيناريوهات؟ لا يُجيب، لكنّ حجيج الوفود المترَأسة ببزّة عسكرية إليه، وصيحات الجوفيّات، وما علِمنا به خلال لقاءاتنا مع فصائل عسكرية تُوالي الهجري، قد يشي بواحد من هذه السيناريوهات: القتال، وهو ما لم يخفِهِ الشيخ لاحقاً. لا يتحكّم الهجري بالفصائل العسكرية الأساسية في الجبل (رجال الكرامة وأحرار الجبل)، لكن يأتمر بأمره تجمّع من فصائل عدّة، أغلبها شُكّل حديثاً بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
تسلّم حكمت الهجري، الذي تتوارث عائلته المنصب الديني الأرفع
ارسال الخبر الى: