التفاهة الاستراتيجية وفي لعبة الإستراتيجيا نحن هواة

258 مشاهدة

| إدريس هاني*

للتمييز بين التّفاهة والجنون، ننظر إلى مخرجات أيّ منهما، فقد تنتج عن الجنون آثار من العبقرية، بينما التّفاهة لا تنتج سوى التّفاهة، لا شيء غير التّفاهة. ويحدث أنّ بعض أشكال التّنبُّؤ في عالم السياسة إن خالطه الجنون، قد يكون مُحرزا، ذلك لأنّ مثل هذا تحقق مع الفكرة الأثيرة لفرويد في علم النفس المرضي للحياة اليومية، بأنّ اللاّوعي يحسب جيّدا، ومع جون ناش، هذا الكائن الفصامي الذي أنتج أدق قواعد اللعب الاستراتيجي، كما في عقل جميل( A Beautiful Mind) من إخراج رون هوارد. كن مجنونا لكن لا تكن تافها، إنّ الخوف ليس من الجنون، بل من التّفاهة. وعلينا أن ندرك بأنّ سقوط الحضارات لا يكون بسبب الجنون بل بسبب التّفاهة.

في تأمّل ما جرى ويجري وسيجري أيضا، لأنّ أطراف المعادلة غير واعين بقواعد اللعب تلك، نلاحظ أنّ ثمة جهلا بالفارق بين اللعب والعبث. تنجح اللعبة لأنّها مقيدة بقواعد صارمة، وينتهي العبث إلى الخراب، لأنّ العبث هو لعب بلا قواعد.

ويبدو لي أنّ ما جرى في الشرق الأوسط، هو أنّ القواعد تلاشت، وباتت اللعبة بلا قواعد. وذلك حينما تجاهلنا التوازن الأثير الذي ابتكره شخص غير متوازن، أعني توازن ناش(Nash equilibrium ). وهو مفهوم يكاد يشبه الوضعية الميكانيكية لأول قانون لدى نيوتن: القصور الذاتي. فما لم يحدث تغيير في المعادلة فلا مجال لتغيير الاستراتيجيا. لكن ما يحدث في كلّ نشاط إنساني هو ما تظهره مفارقات اللعب، كما هو الحال بالنسبة لمفارقة السجينين، وهي من أكثر المفارقات أهمية في نظرية الألعاب. وتقوم هذه المفارقة على معضلة ذاتية ذات خلفية نفسية، أي سوء النّية بالآخر. هنا يلعب الاحتمال النكد دورا أساسيا، حيث يختار السجينان موقف الاعتراف على بعضهما.

لقد انهارت قواعد الاشتباك، وبات في تقديري أنّ حتى نقيضة السجينين خضعت لأسوأ مردودية مما كسر التوازن. ثمة طرف كسر كل شيء وثمة طرف تمسك بحسن النية. نتج عن ذلك أن الميزان اختلّ، وانتهت اللعبة دون رابح -رابح بالمعنى المادّي للعبارة.

ربح الاحتلال أرقاما

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع الخبر اليمني لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح